في الفكر الداهشيّ

الأعمال الرئيسيَّة

هي عبارة عن الرِّغبة في تحرير الآخر من الأُطرِ السائدة، بزعزعة ثوابته، وتفكيك مفاهيمه المُسلَّمُ بها، يتجاوز فيها الواقع الى إمكانيَّة الوعي، لِيعيدَ صياغتَها من جديدٍ، مُحرِّراً بذلك الروحَ من قيودِ الجهلِ إلى فضاءِ الحكمةِ.

754

ما هي الداهشيَّة؟

الداهشيَّة رسالة قيمٍ ومبادىء، تقدّم تصوُّرًا جديدًا للروحانية والفلسفة، يقوم على تواصل الإنسان مع الكون والبحث عن معنى الحياة والترفُّع عن الدنيويَّات. حيثُ تُركِّز بشكلٍ أساسيّ على الجوانب الروحيَّة والأخلاقيَّة، وتُنير دروب التائقين للخلاص من نير الأرض ورغباتها، فتعود بك الى نبع الحقيقة الأزليَّة، من حيثُ شارك الله عزَّ وجلّ خلقه في المحبَّة والخير والجمال. تهدف إلى إرشاد الأفراد في رحلتهم نحو التطوُّر الروحيّ بالاتِّصال المُباشر مع جوهر التعاليم السماويَّة، تحثُّ على التأمُّل والتفكير العميق والتجربة الشخصية، والتفاعل مع العوالم والكائنات معروفها ومجهولها، بعيداً عن الرؤى التقليديَّة للديانات والفلسفة. تُثيرُ رغبةً داخليَّة قويَّة لاستكشاف البُعد الروحيّ وتعزيز الفهم العميق لغاية الحياة والوجود. وفهم القيود الأرضيَّة والماديَّة التي تُكبِّل الإنسان في عوالم الشقاء والألم. وفتح آفاق الخلاص بالتغلُّب على الضُّعف البشريّ الموروث الذي يحولُ دون تحقيق الهدف الأسمى لحقيقية السِّر الأعظم من وراء سرِّ الخلق.

الرسالة الداهشيّة تُمثِّل نموذجاً فريداً في عالم الفلسفة الروحيَّة، أعطت الأديان مفهوماً جديداً للرؤية الكونيَّة وأجوبةً عن تساؤلاتٍ غامضة. وقدمت تفسيرًا للتواصل والتفاعل ما بين الطاقة المكوِّنة للمخلوقات والكائنات على إختلافها من مرئيَّة وغير ذلك. وأوضحت ما خُفي على العلم والعلماء والفلسفة والفلاسفة عن أبعاد الوجود الإنسانيّ فيما بتعلَّق بالنَّفس والرُّوح ونشأة الكون وأُسسه ونُظمه السامية. وألمحت الى بداية الخلق ولو لم تخوض في الألوهيَّة التي لا تزيدنا إلاَّ إلتباساً وغموضاً، وما يعتريها من لغطٍ والتباساتٍ في مفاهيم الخلق، نُسِبَت الى الأنبياء والمُرسلين من جرَّاء سوء فهم المفسِّرين للكُتُبِ المُّقدَّسة والنصوص الدينيَّة، أو لجهلٍ أعترى العصر الذي أنزلت فيه تلك الأديان، حيثُ أشير اليها بشيءٍ من الإبهام والغموض، وذلك يعود للمستوى الفكري أو الأخلاقي الذي كان في تلك المرحلة. كما ألقت الضوء على الحياة والموت والبعث وفهم أعماق الذات للوصول الى الهدف من الخلق ومعاني الوجود، والتي قد تتخطّى في رؤيتها حتى الخيال البشري والعلمي.

الرسالة الداهشيَّة فكرٌ يجمع ما بين العقل والمنطق، مؤيَّدٌ بمعجزاتٍ باهرة سنيَّة تنزع الشكوك حول التعاليم الإلهيَّة وأبعاد الوجود وغايته. هذه المُعجزات الروحيَّة لها الألآف من الشهود الذين أكَّدوا حدوثها على يديّ الدكتور داهش بواسطة الرُّوح الإلهي، وهم أصحاب الكفاءات العلميَّة والفكريِّة والأدبيِّة على إختلافها، ولهم من الأخلاق النبيلة ما يجعلهم أهلاً للصدق والشهادة. فالعقلانيَّة تستوجب الإيمان بالتعاليم الداهشيَّة كما الحقائق العلميَّة على حدٍّ سواء. حيثُ تُفعِّل في النَّفس أُسس الأديان ومعناها الروحيّ، وتُعيدها لنقاءها الأصليّ، بعد أن أفرغها المُتاجرون من قدسيِّتها وأصبحت نظريَّات وغيبيَّات، ولا دلائل على صحَّتها. اعتقاداً منهم أنَّ الإنسانَ هو المخلوق الأوحد في هذا الكون الشاسع، خليفة الله على الأرض، يتَّسم بأهميَّة دوره في الوجود، مُكلَّفاً برعاية وتطوير الخلق، ومُعبَّراً عن ذلك بالفخر والغرور خطيئة الملائكة وسبب سقوطها. ممَّا ساهم في نمو بذور الكفر والإلحاد في النفوس، حتى تحوَّل الفهم الماديّ الى غباءٍ روحيّ، ينطوي على تحمُّل المسؤوليَّة الكبيرة في تشكيل مستقبل البشريَّة واستحقاقاتها.

الداهشيّة حقائقٌ روحيَّة مدعومة بالبراهين المحسوسة, ليست نظريَّاتٍ علميَّةٍ مُتناقضة، ولا إجتهاداتٍ فلسفيّة أو لاهوتيّة تزيدنا بلبلة. هي المعرفة التي تستبق العلم وتفضُّ أسرار الكون ومغاليق الروُّح، تعيش المستقبل الآتي، وتُهدي الحائرين الى سُبُلِ الحقّ نوراً يكتسب قوّة الحقائق الواقعيّة. وعليه، الداهشيَّة لم تُؤَسَّسْ على اجتهاداتٍ دينيّة أو فلسفيّة، ولم تُقْتَبسْ تعاليمُها من العلوم أو التيّارات اللاهوتيَّة أو الفكريّة القائمة.كلُّها موحاةٌ أَو مُلهَمة، ولا علاقةَ للاجتهاد العقليِّ بها. مصدرها طاقةٌ روحيَّةٌ كونيَّة تهيمن على البشر، وتُسيطرُ على القوانين الطبيعيَّة فتخرقُها بمُعجزاتٍ مادّية ملموسة إِثباتاً لوجودِها، ذلك بأنّ “المعجزاتِ الخارقة لقوانينِ الطبيعة لا يُمكنُ أَنْ يعتبرَها المنطقُ السليمُ إلاّ برهاناً حاسماً على وجودِ قُوَّةٍ روحيَّة تتخطّى العالَمَ المادّيّ ولا تخضعُ للنواميس الأرضيَّة “. وتقدّم المعرفة التي لا يعتريها لُبسٌ ولا غموض في مفاهيم الحياة والموت والإنسان والهدف. تشمل تفسيرًا للقضايا الأخلاقية والإنسانيَّة، وتتحدَّث عن كيفية توجيه حياة الإنسان لإتِّخاذ القرارات الصحيحة للترفُّع عن الدنيويَّات وبلوغ جنَّات النَّعيم.

الداهشيّة مدرسة فكريِّة تحمل في طياتها دعوة قويَّة إلى التحوُّل الروحيّ والإلتزام الخُلُقي، بهدف تحقيق أحكامٍ عادلة وتعزيز المساواة الشاملة والأخوّة بين جميع سكان الأرض. فالعدالة ليست مجرَّد مفهومٍ نظريّ، بل هي نهجٌ عمليٌ شمولي يجسَّدَ في الحياة اليومية ويعتمد على قيمٍ أخلاقيَّةٍ عظيمة. هي يقظةٌ روحيّة شريفة وثورة فكريّة عنيفة من أجل رفض التمييز على أساس العرق أو الدين أو الجنس أو أي عوامل أخرى، تدعو الأنسان ليكون أخ الإنسان بعيـدا” عن لونـه وفكـره وأنتمائه، تدعو الى الأخوّة الكاملة بين أبناء الكرة ألأرضيّة كافة ومخلوقاتها جميعاً، تدعوه لإصلاح الذات وعمـل الخير حبا” بالخير وذلك بألعودة الى جـذور الدين بعيـدا” عن العصبيّـة القبليّـة والطائفيّـة، تدعوه للعـودة الى طريق الحقِّ والنـورِ واليقيـن، طريق الخير والمحبّـة والتسامح، طريق السماء ووحــدة الأديـان. هي إعادة تعريف الحياة بمفهومها السامي. حيثُ ترى أن لدى الجميع حقّ الحياة الكريمة والواجب الأخلاقي للعمل كجزءٍ لا يتجزأ من العائلة الإنسانية الواحدة من أجل تعزيز الرفاه والتقدُّم الجماعي، كأسرة واحدة يحبّ بعضهم بعضا”، لواءهم الآخاء، ومعبدهم السماء.

الداهشيّة تدعو كل مؤمن بها الى التمسّك بتعاليم دينه، لأن الأديان كلّها ذات أهداف سامية واحدة، ولا يكفي المرء أن يُطالِع الكتب السماويّة ليخلُص، بل عليه أن يعمل بوصاياها ويطبّق ما جاء فيها، فالعمل بالوصايا السماويّة تصل الأنسان بأللّه سبحانه فكرا” وقولا” وفعلا”.

الداهشيّـة عقيدة روحيّـة ميَّزها الله عن غيرها من الرسالات الروحيَّة بمعجزاتٍ لم ترَ البشريَّة مثلها، فيها من الغنى الفكريّ والأدبيّ ما تعجزُ عنه الأقلام مجتمعة عن الإتيان بما يُشبهه، أو يُماثله روعة في النَّص والمَعنى، إضافة الى المواضيع الشيِّقة التي أُلهمُها صاحب ذلك الوحي وتلك اليراعة. فالدكتور داهش الأديب المُلهم والمُعجز خاض عباب الأدب والنثر والشعر والقصص، وكتب في الرثاء والهجاء والحقيقة، كتبُ تعاليم سماويَّة جديدة، تخُطُّ القدر الآتي عهوداً قديمة وجديدة وحديثة، تجمعُ ما بين التوراة والإنجيل والقرآن، أيآتٍ بيِّنات. وكأن الوصايا العشر أُوحت له من جديد، معراج السماء وأساس الخلاص ودونما إلتباس في الفهم والتفسير. فالقارىء بعين الوعي لمعرفة خفايا السماء لا بُدَّ له من أن يرَ طريق الله المُستقيم، ويُدركَ الأهدافُ الإلهيَّة السامية من وراء كتاباته للعقول المُتطلِّعة للكمال، وإنعكاساً لروحه المُحبَّة للجمال وما فوق الخيال في كُتُبه التي أربت على مئة وخمسين مُجلَّداً، تُعدُّ كنوزاً رائعة تدلُّ على الإبداع في التأمُّل والإلهام، وتعكس عبقريَّته في عالم الكتابة والتأليف العجيب الذي يسلِّط الضوء على أبعاد الحقائق الروحية.كَتَبَ ولم يعرف الدراسة غير أشهرٍ شموساً روحيَّة وفكريَّة تُشرقُ في فنِّ الكتابة الرَّحب، وتُحفِّز على التفكير العميق، فكانت سبباً لإعتناق الكثير من الأدباء والشعراء وأصحاب الدراسات والإختصاصات مذهبه الإصلاحي والإيمان برسالته. إذن الرسالة الداهشيَّة ليست محصورة في صفحاتٍ يجمعُها كتاب مُقدَّس، ولا مبنيَّة على شرائع وسُنَن معيَّنة، بقدر ما هي معرفة تنويريَّة تفتحُ أبعاداً لانهائيَّة للتواصل مع الكون الروحيّ دون التمسُّك بتصوُّراتٍ فكريَّة تقليديَّة، وتفتح آفاقاً للبحث الروحيّ المستمر بمعزلٍ عن العادات الدينيَّة المتوارثة، حيثُ يترتَّبُ عليها مسؤوليَّة شخصيَّة.

الداهشيّـة هي رسالة سماويِّة تهدف إلى اليقظة الروحيَّة من سُبات المادّة وإدراك الإنسان لحقيقة ذاته ومكانته في الكون من خلال فهمه لعلَّة وجوده، وتحريرها من القيد  الجسديّ بالخضوع للقوانين الإلهيَّة والإرتقاء الى السموات العليا. هي صـوت السماء الصارخ الذي ينادي الإنسان للعودة إلى مصدره الروحيّ، وأن الإنسان يمكنه أن يحقِّق غايته في الخلاص من خلال التزام تعاليم الأنبياء. هي بـوق الحـقّ المـدوّي لفهمٍ عميقٍ للحياة والإنسانيَّة يحمل في طياته دعوة لتحقيق التوازن النَّفسي والسلام الداخلي. هي فجـر الهداية تُنير طريق الباحثين في الوجود وتُعطي أجوبةً عميقة عن تساؤلاتِ ترتبط بالإنسان والكون وتُلقي الضوء على أسرار العلم والمعرفة، وفهمٍ عميق لتعاليم السماء ووصاياها. هي نـور اللّـه المتجلّـي سيّالات روحية تتدفَّق في الكون، تخطُّ أُفقًا للإنسان ليكون له دورٌ فعّال في تحديد مصيره الآتي من خلال أفعاله وقراراته والتفاعل مع التجارب والتحدِّيات. هي الحقيقـة.. الداهشيّــة.

حسين يونس 

 

إقرأ أكثر

أنوارٌ دائمة السطوع

   حالك هو ظلام العالم اليوم، والإنسان فيه ظالمٌ هو ومتعجرفٌ صلف، لا الغربي ببصيرته يُبصر ولا الشرقي بأفضل منه حالاً. تساوى الجمع بالضياع، والميازين التي يزنون بها أعمالهم وأفكارهم اختلّت بل قل فُقِدت، الجميع إلى العجل الذهبي أحنى الرّقاب، وأيديهم لا تعرف سوى سفك الدّماء، وألسنتهم لا تنطق غير الأكاذيب، وأفكارهم لا تتغذّى إلاّ من سيّدهم، سيّد عوالم الظلمات الشيطان الرجيم. وكم هو صادقٌ قول الكتاب المقدّس حين وصف الأجداد وكأنّه يصف أحفادهم اليوم حينما قال:

ما من أحدٍ بارٌ، لا أحد.

ما من أحدٍ يُدرك.

ما من أحدٍ يبتغي وجه الله.

ضلّوا جميعاً ففسدوا معاً.

ما من أحدٍ يعمل الصالحات، لا أحد.

حناجرهم قبورٌ مفتّحة

وبألسنتهم يمكرون.

سمُّ الأصلال على شفاههم

أفواههم ملؤها اللعنة والمرارة

أقدامهم تخفُّ إلى سفك الدّماء

وعلى طُرُقِهم دمارٌ وشقاء

سبيل السلام لا يعرفون

وليست مخافة الله نصب عيونهم.

“رسالة بولس الرسول إلى أهل روما. الآيات 3-10 الإصحاح 18”

ورغم هذه الصورة المأسويّة لعالم اليوم، لا تزال في سمائه أنوارٌ مضيئة، وستبقى كذلك، لأنّها من لدن الله لنورها استمدّت، فكانت دائمة الإشراق، وفي كنفها الكثير من بني الإنسان أُنقذ، والكثير منهم إنْ هم رغبوا سينقذون.

   من بين هذه الأنوار الساطعة دائماً نور موسى نبيّ الله الكليم، ونور داوود صاحب المزامير، ونور سليمان المُعطى الحكمة من لدن الله، ونور المسيح يسوع الفادي، ونور محمد الرسول العربي الكريم، ونور داهش رجل الله والهادي الحبيب للقرن العشرين وما يتلوه من قرون.

أوّلاً: موسى النبي كليم الله:

كلماته تشعُّ مشرقة بأنوارها منذ أطلقها لتنير الدّرب لكلِّ إنسان نفسه توّاقة للخلاصِ من سجن الأرض للإنطلاق في ملكوت السماء، حيث الهناء وحيث الصفاء، وحيث السرور والحبور. فهل هناك ما يعادل وصاياه العشر التي تلقّاها من الله الرحمن الرحيم؟ وإنْ سار الإنسان على نورها فهو أبداً لن يعثر.

   ولمن لم يحفرها في قلبه لتكون نبراساً له طوال حياته فهو في الظلمات يعيش، وها هي وصايا موسى الذهبيّة فلنتأمل بوعيٍ وإدراك كلَّ كلمةٍ من كلماتها:

الوصيّة الأولى: أنا هو الربّ إلهكَ. لا يكُنْ لكَ آلهةٌ أُخرى أمامي.

الوصيّة الثانية: لا تصنعْ لكَ تمثالاً منحوتاً صورة ما ممّا في السماء من فوقُ وما في الأرض من أسفلُ وما في الماء من تحت الأرض. لا تسجد لهنَّ ولا تعبدهنَّ لأنّي أنا الربُّ إلهكَ إلهٌ غيُورٌ. أفتقدُ ذنوبَ الآباءِ في الأبناءِ حتّى الجيلِ الثالثِ والرابعِ من الذين يبغضونني. وأصنعُ إحساناً إلى ألوفٍ من محبِّيَّ وحافظي وصايايَ.

الوصيّة الثالثة: لا تنطق باسم الربّ إلهكَ باطلاً.

الوصيّة الرابعة: إحفظ يومَ السّبتِ لتقدّسهُ كما أوصاك الربُّ إلهكَ.

الوصيّة الخامسة: أكرم أباكَ وأمّكَ كما أوصاك الربُّ إلهكَ.

الوصيّة السادسة: لا تقتل.

الوصيّة السابعة: لا تسرق.

الوصيّة الثامنة: لا تزنِ.

الوصيّة التاسعة: لا تشهدْ شهادةَ زُورٍ.

الوصيّة العاشرة: لا تشتهِ بيت جارك ولا زوجتهُ، ولا عبدهُ، ولا أمتّهُ، ولا تورهُ، ولا حماره، ولا شيئاً ممّا لهُ.

ثانياً: داوود صاحب المزامير.

   النفس المتعبة من هموم الدّنيا، والنفس القلقةُ ممّا يحمله الغدُ، والنفس الخائفةُ من غدر الظلمة والظالمين، والنفس التي ترزحُ تحت أحمال الذنوب التي اقترفتْ، والنفس المتوجعة من آلام المرض وفقد الأحبّة، والنفس الناشدة لخلاصها من أتّون العالم المرعب.. كلُّ هذه النفوس لن تجد عزائها بأروع ممّا فاضت به قريحة نبيّ الله داوود في مزاميره المدوّنة في الكتاب المقدّس. فهي نور مضيءٌ أبداً ليبلسم الجروح ويطمئن النفس ويعطي الأمل. ومن بين مزاميره القدسيّة هذا المزمور:

المزمور الرابع: الموضوع: الإبتهاج بحماية الله وسلامه.

استجب لي عندما أدعوكَ يا إله برِّي، فقد أفرجتَ لي دوماً في الضّيق، فأنعمْ عليَّ وأصغِ إلى صلاتي.

إلى متى يا بني البشر تُحوّلونَ مجدي عاراً ؟ وإلى متى تُحبّون الأمور الباطلة، وتسعونَ وراء الأكاذيب ؟

اعلموا  أنّ الربّ قد ميّزَ لنفسهِ تقيَّهُ؛

الربّ يسمع عندما ادعوه.

ارْتعدوا ولا تُخطِئوا. فكروا في قلوبِكم على مضاجِعِكمْ مُعتصمين بالصمتِ.

قدّموا  ذبائح البرِّ، واتّكلوا على الربِّ.

ما أكثر المتسائلين: ” من يُرينا خيراً؟” أشرقْ علينا أيّها الربُّ بنورِ وجهكَ. غرستَ في قلبي فرحاً أعظمَ من فرحِ من امتلأتْ بيوتهم وأجرانهم بالحنطة والخمر الجديدة.

بسلامٍ اضطجع وأنامُ. لأنّكَ وحدكَ يا ربُّ تُنعم عليَّ بالطمأنينة والسلام.

ثالثاً: سليمان الحكيم.

   الحكمة نبراسٌ للسائرِ في الظلمة كان وسيبقى إلى أبد الدهور. ففي الحكمة يهتدي الضّال إلى طريق الصّواب، وبالحكمة يعرف العاقل أن يميّز الخير من الشرّ، وبالحكمة تنال النفس طمأنينتها وتبلغ محطّ خلاصها، فالحكمة شمسٌ دائمة التوّهج وثمنها يفوق كلَّ جواهر الدنيا. ولذا الله سبحانه وتعالى أنعم على نبيّه سليمان بنعمة الحكمة. فكان أن نطق بآيات خالداتٍ الزمن يفنى أمّا هي فباقية، ومن بين روائعه الحكميّة الذهبيّة الخالدة هذه الحكمة الواردة في سفر الأمثال الإصحاح السادس الآيات 16-17-18-19. حيث جاء فيه:

   ستّةُ أمورٍ يمقتها الربُّ، وسبعةٌ مكروهةٌ لديه:

عينان متعجرفتان،

ولسانٌ كاذبٌ،

ويدان تسفكان دماً بريئاً

وقلبٌ يتآمر بالشرِّ

وقدمان تسرعان بصاحبهما لارتكاب الإثمِ

وشاهدُ زورٍ ينفثُ كذباً

ورجلٌ يزرع خصوماتٍ بين الإخوة.

وفي الإصحاح 12 من سفر الأمثال الآيات 1-2-3-4-5-6-7-8-9 جاء:

من يُحبّ التأديب بحبّ المعرفة، ومن يمقت التأنيب غبيٌّ. الصالح يحظى برضى الربّ، ورجل المكائد يستجلب قضاءه. لا يثبتُ الإنسان بالشرِّ، أمّا أصل الصدّيق فلا يتزعزعُ. المرأة الفاضلة تاجٌ لزوجها، أمّا جالبة الخزي فكنخرٍ في عظامه. مقاصد الصدّيق شريفةٌ، وتدابير الشريّر غادرةٌ. كلام الأشرار يتربّص لسفك الدم، وأموال المستقيمين تسعى للإنقاذ. مصير الأشرار الإنهيار والتلاشي، أمّا صرحُ الصدّيقين فيثبتُ راسخاً. يٌحْمَدُ المرءُ لتعقّلهِ، ويُزْدرى ذو القلب الملتوي. الحقير الكادح خيرٌ من المُتَعاظِم المفتقر للقمة الخبز.

رابعاً: المسيح يسوع الفادي.

   كلمة الله العليّ، وروحٌ منه ألقاها إلى مريم المقدّسة، كلّم الناس في المهدِ، وبشّرَ المساكين بالروح بأنّ لهم ملكوت السموات، والحزانى بأنّهم سيُعزَّون، والودعاء بأنّهم سيرثون الأرض، ولأنقياء القلوب لأنّهم سيرون الله ولصانعي السلام فإنّهم سيُدعون أبناء الله.

   مدّة من الزمن جال فيها أرض الأنبياء، بشّر وأنذرَ، وكلّم الناس بسلطةٍ روحيّة لا تقاوم، فكان له منهم بضعٌ ويزيد، أخلصوا لله إيمانهم، وساروا على طريق الهدى الذي رسمه لهم، وأمّا أبناء الضلالة والظلام، فقاوموه واضطهدوه وطاردوه، فيا ويلهم من قساة أجلاف، ويا ويلهم حينما يحشرون إلى جهنّم النار، طعامهم من غسلين ولباسهم من قار.

   فيا سيّدي وسيّد كلّ نفسٍ هدفها في الحياة خلاصها، ويا سيّدي وسيّد كلّ قلبٍ يسعى للحبِّ الصادق المنير، كلماتك الذّهب النقيّ، وعباراتك أسلاك النّور المحي. وهل هناك ما يعادل هذه الكلمات التي أطلقتها في عظة الجبل مخاطباً جمهرة الناس ومن خلفهم البشريّة كافّة، ومن كلماتك في هذه العظة الخالدة هذه الفقرة الرائعة المعاني، المربيّة للنفوس، والمزيلة عنها تراب الوهم، وسراب الأنانيّة.

   وسمعتم أنّه قيلَ: تُحبُّ قريبك وتبغض عدوّكَ. أمّا أنا فأقولُ لكمْ: أحبّوا أعداءكم، وباركوا لاعنيكم، وأحسنوا معاملة الذين يبغضونكم، وصلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويضطهدونكم، فتكونوا أبناء أبيكم الذي في السموات، فإنّه يُشرقُ بشمسه على الأشرار والصالحين، ويمطر على الأبرار وغير الأبرار. فإنْ أحببتم الذين يحبونكم فأيّة مكافأةٍ لكم؟ أما يفعلُ ذلك حتى جُباةُ الضرائب؟ وإنْ رحبّتم بإخوانكم فقط، فأيُّ شيءٍ فائقٍ للعادة تفعلون؟ أما يفعل ذلك حتى الوثنيّون؟ فكونوا أنتم كاملين كما أنّ أباكم السماويّ هو كاملٌ! العين مصباح الجسد، فإنْ كانت عينكَ سليمةً يكون جسدك كلّهُ مُنوّراً. وإنْ كانت عينكَ سيّئةً يكون جسدكَ كلّهُ مُظلماً، فإذا كان النور الذي فيك ظلاماً، فما أشدّ الظلام!

خامساً: محمّد الرسول العربيّ الكريم.

   الجزيرة العربيّة غارقةٌ في الجهالة العمياء، ظلمٌ وظلام، قتلٌ ودماء تهرق، أمّهات ثكلى، وطفولةٌ بريئة ملائكيّة تؤود لا لشيءٍ أو لذنبٍ اقترفت، بل لكونها أُنثى، وفي إمبراطورية فارس وروما فسادٌ لا يعلوه فساد، وهرطقاتٌ دينيّة ومذهبيّة ما أنزل الله بها من سلطان، وسط هذا العمى الذي غشى العالم المعروف آنذاك، سطع نور وأشعّت شمس، إنّه نور محمّد (ص) وشمس الإسلام، جاءا ليطردا ظُلمة العالم، وينيرا بصائر الناس إلى طرق الحق والخير والعدل، ويصّححا ما اُخلط على العقول فهمه من كتب ومعارف روحيّة سابقة، ومن أروع ما حمله القرآن الكريم لوصف القوّة الموجدة أي الله سبحانه وتعالى كانت هذه الآية التي لو لامست الحجارة الصلدة لخرّت ساجدةً مسبحّةً للمهيمن الرحيم.

   “الله نور السماواتِ والأرض، مَثَلُ نورهِ كمشكاةٍ فيها مصباح، المصباحُ في زجاجة، الزجاجةُ كأنّها كوكبٌ دُرّيٌّ، يوقدُ من شجرةٍ مباركةٍ، زيتونةٍ لا شرقيّة ولا غربيّة، يكادُ زيتها يضيءُ ولو لم تمسسهُ نار، نورٌ على نور، يهدي الله لنورهِ من يشاء، ويضرب الله الأمثال للناس، والله بكلِّ شيءٍ عليم.” النور الآية 35…

   وانظر بتفكّرٍ وتدبرٍ هذه الحكميّات الذهبيّات والتي لا تقدر بأثمانٍ ماسيّة أو ذهبيّة فانية، فهي لها الخلود الدائم، وهي العقد الفريد الذي من طوّق عنقه به فقد فاز في حلبة السبق الفوز المبين، فقد جاء في القرآن الكريم “إنّما المؤمنون إخوة، فأصلحوا بين أخويكم واتقّوا الله لعلّكم ترحمون، يا أيّها الذين آمنوا لا يسخرُ قوم من قومٍ عسى أن يكونوا خيراً منهم، ولا نساء من نساءٍ عسى أن يكنَّ خيراً منهنَّ، ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الإسم الفسوق بعد الإيمان، ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون. يا أيّها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظنِّ إنَّ بعض الظنِّ إثمٌ، ولا تجسّسوا، ولا يعتب بعضكم بعضاً، أيحبُّ أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه، واتقّوا الله إنَّ الله توّابٌ رحيم. يا أيّها الناس إنّا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، إنَّ أكرمكم عند الله أتقاكم، إنّ الله عليمٌ خبير.”

   واسمع لمحمّد (ص) حين يقول في حديثٍ شريف: ” الدنيا سجن المؤمن وجنّة الكافر” “لو كانت الدنيا تعدلُ عند الله جناحَ بعوضةٍ ما سقى كافراً منها شربة ماء.” ويقول أيضاً ” لو إنّكم تتوكّلون على الله حقَّ توكّلهِ لرزقكم كما يرزق الطير، تغدوا خماصاً وتروح بطاناً” . وعن المساواة في العدالة ما أروع ما قاله الرسول الكريم ” إنّما أُهلكَ الذين من قبلكم أنّهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أنّ فاطمةً بنت محمّد سرقت لقطعت يدها.”  وما أروع هذا الوصف النوراني للمجتمع المتعاون أفراده على الخير والبر ” مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثلُ الجسدِ إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.”  وهذه الكلمات الرائعات التي يبيّن فيها النبيّ أن لا شيء للإنسان يصيبه إلاّ نتيجة لاستحقاقه: “يا غلام، إنّي أُعلمكَ كلماتٍ، احفظ الله يحفظك الله تجده تجاهك، وإذا سألتَ فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، وأعلم أنّ الأمّة لو اجتمعت على أن ينفعون بشيءٍ لم ينفعون إلاّ بشيءٍ قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضرّوك بشيءٍ لم يضرّوك إلاّ بشيءٍ قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام وجفّت الصحف.”  وإليك هذه الحكمة البيّنة التي نورها يشّع كماسٍ مصقول: “يتبعُ الميت ثلاثةً أهلهُ ومالهُ وعملهُ، فيرجعُ إثنان ويبقى واحد، يرجع أهلهُ ومالهُ، ويبقى عملهُ.”

سادساً: رجلُ الله الدكتور داهش الهادي الحبيب.

   القدس مدينة الأنبياء، ومنها في آخر الأيّام يخرج الهادي الحبيب وبها يولد، ففي حي العمود من هذه المدينة وفي الأول من حزيران العام 1909 وُلِدَ سليم موسى العشّي، والذي بإلهامٍ روحي قدسي أُختير اسمه الذي يُعرفُ فيه بين الناس اليوم بداهش، فأعطاه الله القدير نعمة اجتراح المعجزات الباهرات والتي تناقلت أخبارها معظم صحف العالم العربي والأوروبي فاستدعته الجمعيّة النفسيّة في باريس ليريها ما يثبتُ صحّة ما تناقلته الأقلام، فكان لها معجزة يونان النبيّ، إذْ وُضِعَ داهش في تابوت مُحكم الإغلاق ومختوماً بالشمع وأُنزل في قاع نهر السين مدّة أسبوعٍ من الزمن، وفي نهاية أيّام الأسبوع أُخرِجَ التابوت بعدما حُرِسَ بصرامةٍ قاسية من أعضاءٍ في الجمعيّة النفسيّة فإذا المسجّى فيه يتحرّك نابضاً بالحياة، فكان هذا الحدث دافعاً لهذه الجمعيّة أن تعطيه شهادة الدكتوراه في العلوم النفسيّة، ومن حينها عُرِفَ سليم موسى العشّي بالدكتور داهش، وكما عُرِفَ سابقاً سميّه بإسم سليمان الحكيم.

   وفي هذا القرن، العلم في مختلف ميادينه تبوّء عرش المجد، وكشف من المخبوء ما كان مستوراً طوال قرونٍ من الزمن، سيطر الإنسان الكثير الكثير من القوانين وسخّرها لمصلحته وزيادة الرفاه له، ولكن رغم هذا الكشف الباهر، بدل أن يقترب الإنسان من ربّه ويتعبّد إليه بعقله وقلبه، بدل ذلك للأسف وجدته الرافض الأول لكلِّ ما لا يقع تحت كشفه الحسّي، فإذا به يرفض الله سبحانه ويرفض كلَّ غيبيٍّ تحدّثت عنه كتب السماء، وبدل أن تنمو فيه حاسّة الإنسانيّة، وجدته عابداً للأنانيّة الممقوتة، فاتّخذ له العجل الذهبيّ معبوداً لا يباريه معبوداً آخر، فأُحنيت له الرقاب، وتذلّلت له النفوس، وشُغِفَتْ به الأنفس شعوباً وأفراداً، رافضين للغيب ومؤمنين به، الكلّ أصبح له عابداً خاشعاً عاشقاً.  فكانت ثمراته العلقم المرير، والدماء المهراقة، والنفوس المزهقة، واليتامى والثكالى، فمن حربٍ كونيّة أولى إلى حربٍ كونية ثانية، إلى حروب استقلال واستغلال، مُدنٌ هُدِمت، وبلدانٌ روّعِت، فتّوج كلّ ذلك بحربٍ ذريّة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً في هيروشيما وناكازاكي، بكلّ هذا، النفوس في شبكة الحيرة والقلق علقت، وها هي تتخبّط تخبّط العاجز الفاقد للقوّة.

   وسط هذا الضياع الذي غشى المعمور، وفي الثالث والعشرين من آذار العام 1943 أطلق الدكتور داهش بأمرٍ من السماء صرخته المدوّية، وأطلّت على العالم شمسه القدسيّة بأنوارها الأزليّة الأبديّة، داعيةً كلَّ النفوس للخلاص، مُثبِتَةً لكلِّ ذي بصيرة حقيقة وجود العالم الروحيّ الخالد بما أُوتي الهادي الحبيب من قوّة اجتراح المعجزات، فكان لكلماته السند السماوي الذي لا يقاومه إلاّ الجهّال من بني البشر الأغبياء، وكم هم كثرٌ اليوم في عالمنا، لقد كان في صوته صوت موسى وداوود وسليمان والمسيح ومحمّد وبوذا وغاندي وسقراط و…، فرسالته السنيّة فريدة المزايا، فهي العروس التي تغنّى بها سليمان الحكيم حيث قال في سفر نشيد الأنشاد “أختي العروس جنّةً مُغلقة، عينُ مقفلة، ينبوعٌ مختوم”، وشريعته هي البركة التي بارك بها موسى رجل الله قبل موته في سفر التثنية الإصحاح ال33 حيث قال:” وأتى من ربوات القدس وعن يمينه نار شريعةً لهم”. والدكتور داهش هو الذي عناه سيّد المجد يسوع حين قال في إنجيل يوحنّا الفصل الرابع عشر ” إنْ كنتم تحبّونني فاحفظوا وصاياي، وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزّياً آخر ليمكث معكم إلى الأبد”. وهو الذي قال فيه إشعياء النبي مُعزّياً الأمم جميعها في الخلاص المُرتقب من الله سبحانه وتعالى فقال “الشعب السالك في الظلمة أبصر نوراً عظيماً، والمقيمون في أرض ظلال الموت أضاء عليهم نورٌ. كثّرت الأمة وزدتْها فرحاً، ابتهجوا في حضرتك كما يبتهجون في أوان الحصاد، وكما يبتهج الذين يتقاسمون الغنائم. لأنّك قد حطمّتَ كما في يوم مديان، نيرَ ثقله وعصا كتفه وقضيب مُسخّرهِ. إذ كلّ سلاح المتسلّح في الوغى وكلّ رداءٍ ملطّخٍ بالدماء، يطرح وقوداً للنار ويُحرق لأنّه يولدُ لنا ولدٌ، ويُعطى لنا ابنٌ يحمل الرّياسة على كتفه، ويُدعى اسمه عجيباً، مشيراً، إلهاً قديراً، أباً أبديّاً، رئيس السلام.”.       

   وفي القرآن الكريم وضعه الربّ موضع قسمه إذ جاء في سورة البروج ” والسماء ذات البروج، واليوم الموعود، وشاهدٍ ومشهود” فهو الشاهد في هذه الآية المعني بها، وظاهراته الخارقة ومعجزاته الباهرة هي المشهود. فهل من عقولٍ تعي حقيقة الهادي الحبيب ورسالته المقدّسة المنيرة؟؟…

   ومن بين كلماته التي قيلت وكتبت في ما يزيد على المئة والخمسون كتاباً اخترت هذه الأنوار من كتابه المعنون “كلمات الدكتور داهش” :

  1. المرأة بؤرةٌ نتنة آسنة، والرجل خنزير قذر دائم التمرّغ فيها” فالمرأة المعنيّة من هذا القول هي المتهتّكة البائعة لعرضها في سوق النخاسة، والرجل المذكور هو البائع لشرفه في سبيل شهوته الجنسيّة القذرة.
  2. المرأة سببُ شقاء وهناء هذا الكون المترامي الأطراف” فهل يستطيع إنكار هذه الحقيقة ناكر، فإن وُجد، فما عليه عندها سوى بقراءة التاريخ.
  3. المرأة تحمل بيمينها مفتاح السعادة، وبيسارها معول التدمير والشقاء.” فحنان المرأة لا يعادله حنان في الوجود، وغيرتها أشدّ تدميراً من زلزالٍ مدمّرٍ مردّم.
  4. أنا أشكّ بنفسي ولا أثقُ بها، فكيف تريد منّي أن أثقَ بكَ ثقةً عمياء لا حدّ لها، أوَلا يُعدُّ هذا منك منتهى الغباء، وغاية الجنون؟!” والشكّ المقصود هنا هو الذي يقود الإنسان إلى الحقيقة الساطعة ليخلق بالنفس السكينة والطمأنينة.
  5. ” أُحبُّ الكتب حُبَّ السكارى للخمر، لكنّي كلّما ازددت منها شرباً، زادتني صحواً.” المعرفة زادُ الواعي في الحياة، والكتب هي المائدة العامرة التي من غذائها تنمو النفوس وتسمو.
  6. ” الحريّة: منحة السماء لأبناء الأرض. فمهما حاول ( الحاكم الوصوليّ ) أن يعتدي على ذمارها، فإنّها تعود لتنقلب عليه ، وتُعميه برشاش غبارها.” القيد ممجوج للنفوس الحرّة حتّى لو صيغت سلاسله من الذهب والماس، فالله جلّت قدرته وهب من نعمهِ الكثير الكثير لمخلوقاته، وأعظم العطايا كانت نعمة الحريّة. حتّى أنّه في القرآن الكريم أوحى إلى صفيّه محمّد (ص) قائلاً: “فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر” وقال ” لست عليهم بمسيطر” وقال: “وهديناه النجدين فأمّا كافراً وأمّا شكوراً” فهل بعد هذا سيطرة ظالمة لفردٍ على آخر؟ فإن وُجد فقانون الحياة يلفظه، وإلى دركات جهنّم يأخذه.
  7. الجبان- في شريعتي- ليس أهلاً للحياة مُطلقاً. فإمّا أن (نجبن) فيستعبدنا القويّ الغاشم، وإمّا نُظهر (شجاعتنا)، ونُطلقُ (بطولتنا) فننتزع بواستطها (حريّتنا) المقدّسة الخالدة.” وكم هذا القول الحكميّ يذكّر بالبيت الشعري الخالد للشاعر أبي القاسم الشابي حيث يقول: ” إذا الشعب يوماً أراد الحياة   فلا بدّ أن يستجيب القدر”   كما أنّ ذاكرة التاريخ حفظت لنا بطولة شعب صيدا عندما حاصرها الطاغية أرتحششتا، وكيف فضّل هذا الشعب المقدام الموت حرقاً وبيده على أن يُسلّم بذلٍّ وانكسار نفسٍ مدينته إلى الحاكم الظالم الجائر. وفي ذاكرة التاريخ عبرٌ وعبر لكلّ من أراد لنفسه أن تسمو وتخلص من ربقة الطغاة والمستبدّين.
  8. يا رجال التشريع والقضاء!.. إنّ شرائعكم هي إحدى مهازل هذه الدنيا ومساخرها. فالقوانين ليست بقوانين إذا طُبِّقَت على الضعفاء والفقراء دون الأقوياء والأغنياء. فالحرّة ترغمونها على الأكل من ثدييها ثمّ تطلبون محاكمتها. وسارق الرغيف تلقونه في غياهب السجون…. أمّا سارق الألوف فإنّكم تشاركونه الغنيمة وتتقاسمونها فيما بينكم، فيا للعار!” وليس أدلّ على صدقيّة ما جاء إلاّ “الأمم المتّحدة” وعدالتها التي لاكتها ولعنتها جميع أمم الأرض- فيا للمهزلة من الإنسان الذي بمحض إرادته ورغبته صار عبداً للشيطان.
  9. ” إنّ كرسيّ الحكم لا يُشرّف صاحبه ولا يرفعه، بل الجالس عليه هو الذي يرفع من قدره. أمّا فاقد الشرف، الخالي الوفاض من الفضيلة، المسوق كالدّابة بواسطة امرأةٍ مستهترةٍ فاجرةٍ منغمسةٍ بالرذيلة، فإنّه يهوي بهذا الكرسيّ الهزيل إلى دركات الإنحطاط، فيدنّسه بجراثيمه الطاعونيّة ويلوّثه.” ومثلين لما جاء أضرب: هيرودس زوج الداعرة هيروديا والقاتل ليوحنّا النبّي، وبشارة اللعين زوج البائعة الشرف لور، والمضطهد للحبيب الهادي.
  10. ” أُشبّه الحياة بقفصٍ رهيبٍ هائل، والبشر بالطيور الرازحة فيه، ومهما بذلت الطيور من مساعٍ وجهودٍ لاجتياز نطاق القفص، لا تستطيع النفاذ منه، حتّى يأتيها داعي الموت ويحررّها من تلك العبوديّة الصارمة، ويعتقها من ذلك القيد الثقيل.” حواسنا المعطاة لنا في هذه الحياة هي السلاسل المشدودين إليها، وعقلنا لا يتغذّى إلاّ من خلال هذه الحواس، فكما هي محدودة، كذلك هو، وعند الموت تتحطّم تلك السلاسل، فنعي ونعرف ما لم يكن بالمستطاع، وما أروع الآية القرآنيّة الكريمة الواصفة النفس حين موتها فتقول:” وكشفنا عنك غطائك، فبصرك اليوم حديد”.
  11. ” كُنْ حذراً من تقلّبات الأيّام وتغّيرات الأعوام، لأنّ قانون الحياة هو الاستمرار على التحوير، ونظام الكون دائبٌ أبداً على التغيير.” فكم من ملوكٍ ورؤساء باتوا ليلهم وهم في عزِّ مجدهم، فأفاقوا وهم بأذلّ حال، وفي التاريخ المدّون عبرٌ وعبر. فسبحان الله المحوّل من حالٍ إلى حال والمنذر للناس أن كلَّ شيءٍ إلى زوال.
  12. ” أنا أؤمنُ بأنّه توجد عدالة سماويّة، وأنّ جميع ما يصيبنا في الحياة الدنيا من منغّصاتٍ وأكدارٍ إنْ هو إلاّ جزاءً وفاق لما اجترحناه في أدوارنا السابقة من آثامٍ وشرور، ولهذا يجب علينا أن نستقبل كلّ ما يحلُّ بنا من آلام الحياة ومآسيها، غير مُتبرّمين ولا متذمّرين، بل قانعين بعدالة السماء ونُظُمها السامية.” وما جاء في القرآن الكريم عن النفس ها هو”كلّ نفسٍ بما كسبت رهينة” ، وجاء أيضاً في موقف عدم التذمّر حين التعرّض للمحن والتجارب “وبشّر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنّا لله وإنّا إليه راجعون”. وجاء أيضاً على لسان عليّ (ع) “لا يلومنّ لائمٌ إلاّ نفسه”. وعلى لسان محمّد (ص) حيث قال “ما من عثرة قدمٍ، ولا عرقٍ محمومٍ ولا الشوكة تُشاكها إلاّ بذنب”.

   هذه هي الأنوار الدائمة السطوع أبد الدهر ولا ولن يرى نورها المحي سوى ذوي البصائر السويّة والعقول النيّرة. فهل يا أخي منهم أنت ؟!…

       بقلم: محمّد ذيب عطوي

      15 كانون الثاني 2004  

إقرأ أكثر

مقالاتٌ ذات صِلة

صلاة داهش

يا أبي و أبا البرايا ارحم ضُعفنا الموروث

شدِّد قلوبنا كي نؤمن بقدرتك و نحدِّث بعجائبك

اغرس في أعماقنا بذور الحب و الشفقة و الرحمة و الحنان

أبعد عنا التجارب التي تريد غوايتنا و إسقاطنا في دياجير الخطايا

سدِّد خطواتنا في طريق الحق و النور و اليقين

أبعد عنا الأفكار الدنيئة و لا تدعها تقرب منا

أنت خالق البرايا و ما فيها ، فرحمتك و حنانك

يسعان كل الكائنات معلومها و مجهولها.

أشفق علينا يا الله، و لا تحاسبنا مثلما نستحق فنهلك.

لا تدع الطمع يستولي علينا فيجرفنا بتياره الرهيب.

دع القناعة تحتلُّ ارواحنا فلا نطلب سوى القوت فنمجدك

أبعد عنَّا الأشرار و الهازئين بكلام الله ، أنر بصائرهم

طهر أرواح الخطأة، و ارسل لهم قبساً من انوارك الإلهية

فيخشعوا لعظمتك

أقلنا من العثرات الرهيبة،

و اشمل الجميع بعين عنايتك الساهرة.

أيها الأب العطوف!

كل من ألقى اتكاله عليك ، و عمل بوصاياك ،

و ضحى من أجل اسمك ، و احتقر رغباته الأرضية،

و نبذ الدنيويات ، و عطف على البؤساء و بشَّر بعجائبك،

و آمن بنبيك الحبيب الهادي

فله السعادة و السماء و النور و السناء،

هنالك حيث الضياء و البهاء، إذا يخلد مع الخالدين

 و يتنعم بانوارك الوضاءة حتى أبد الآبدين.

آمين.

13 آب 1943

 

إقرأ أكثر

ليس في التعاليم الداهشيّة ما يسمّى " بالأسرار " ولا بالباطنيّة ، وكلّ ما فيها يقبله المنطق السليم ، منطق الانسان المثقّف ثقافة شاملة تجمع بين الدين والفلسفة والعلوم ، بمختلف حقولها ، والمنفتح على الحقائق الجديدة التي تفاجىء العالم كلّ يوم .

مفاهيم داهشيَّة

من كلمات الدكتور داهش

كلمتي

 

قطعة من كبدي، و فلذة من روحي، و خلاصة من عناصري!

هي أملي التَّائه في بيداء هذه الحياة الصارخة الزاخرة بالآلام!

هي أمنيتي الضائعة في واحة هذا العالم

الذي تشيع فيه عناصر البؤس و الشقاء.

هي دموعي التي أقسمت على أن تظلَّ أليفة الحزن حليفة الانسكاب!

هي أحزاني الصَّادقة التي يطيب لها أبداً أن تمخرَ هذا العباب!

هي ( كلمات) شاب حزين، متألِّم بائس

آلت الأوصاب على نفسها أن لا تفارق له ظلاً.

هي ( كلمات) ستُخلَّد في بطونِ الكتب

بعد أن يصبح صاحبها راقداً في جوف حفرته الوفيَّة!

داهش

 

من كتاب ” القلب المحطم”

العالم

أمجاد هذا العالم وهم باطل، ولون حائل وظل زائل
نأتي الى هذا العالم باكين معولين، ونغادره باكين معولين. فواها" لك يا عالم البكاء والعويل
لا بارك أللّـه في تلك الساعة التي فتحت فيها عينيّ فاذا بي في مكان يطلقون عليه اسم العالم
أنا غريب في هذا العالم، وكم أحنّ الى تلك الساعة التي أعود فيها الى وطني الحقيقي

العفَّة

- من يكون ذلك القدّيس الذي لم تخطر المرأة في باله ؟ " لو وجد هذا لشبّهته بالآلهة -
الجمال والعفّة فردوس سماوي -
ما أجمل الأنسان حين تكون أفكاره متّجهة شطر السماء! وما أخبثه، بعد أن تلوّث الأدران الأرضيّة طهارة تخيّلاته، ونقاء تصوّراته! وشتّان بين الحالتين - .

الكتُب

أحبّ الكتب حبّ السكارى للخمر، لكني كلما أزددت منها شربا" زادتني صحوا -
- ليس من يكتب للّهو كمن يكتب للحقيقة -

الحياة

-لا معنى لحياة ألأنسان اذا لم يقم بعمل انساني جليل --
-اعمل الخير، وأعضد المساكين، تحصل على السعادة -
-من العار أن تموت قبل أن تقوم بأعمال الخير نحو الانسانيّة -
-جميعنا مغترّ مخدوع ببعضه البعض -

الموت

الموت يقظة جميلة ينشدها كل من صفت نفسه وطهرت روحه، ويخافها كل من ثقلت أفكاره وزادت أوزار ه -
الموت نهاية كل حيّ، ولكنه فترة انتقال: امّا الى نعيم، وامّا الى جحيم -

المرأة

هي العناصر الأربعة، في روعتها واندفاعها وعسفها وطغيانها.-

روابط أخرى

لمعرفة المزيد عن الدكتور داهش والداهشيَّة، يُمكنك الذِهاب مُباشرة الى العديد من المواقع الإلكترونيَّة لتصفحها من خلال الروابط أدناه.

CONTACT US

E-mail:info@belovedprophet.com/

Copyright © 2025 By Daheshism Media Center

The opinions expressed the opinion of its authors only, and do not bind anyone to their content.

error: Content is protected !!