

مُعجزات الدكتور داهش الدَّامغة
بعد عرض موجز للحياة الرسولية الخارقة التي عاشها الدكتور داهش , سأنقل القارىء الى عالم المعجزات الداهشية المذهلة , فأعطيه فكرة عن شهودها و امكنة حدوثها , و اوضح معنى الجلسة الروحية و مدلول المعجزة و الغاية منها , ثم اقدم نماذج متنوعة من الخوارق , و انهي الفصل بالنظر الى المعجزات الداهشية في ضوء العلم الحديث .
شهود معجزات الدكتور داهش :
ان شهود المعجزات التي تمّت على يد الدكتور داهش بقوّة الروح العليّ كانوا بأكثريتهم الساحقة رجال علم و فكر و قانون و ادب و سياسة و صحافة او رجال اعمال بارزين محنّكين, و ليس من جهلة العامّة الذين يحبّون التلهّي بسرد الاخبار الخارقة او نسجها.
بل ان معظمهم اجتمعوا بمؤسّس الداهشيّة و هم مشكّكون في حدوث المعجزات رافضون للإيمان بها, وبالرغم من موقفهم الجاحد حدثت المعجزات امامهم تكراراً, ولم يستطيعوا الهروب من الشهادة لها. بعضهم اجتمع بالدكتور داهش بصفته مدّعياً عامّاً للتحقيق معه في حقيقة ما يروى عنه من أخبار عجيبة كالأستاذ ديمتري الحايك؛ وبعضهم كان مرسلا ً من قبل السلطة اللبنانيّة المُضَهِدة للداهشيّة ومؤسّسها في عهد الرئيس بشارة الخوري (1943-1952) وذلك للتحقّق من صحّة ما يشاع عن الخوارق التي اصبحت شغل المجتمع اللبنانيّ الشاغل وعن الغاية منها كالوزير السابق المحامي ادوارد نون؛ وبعضهم كان مرسلا من قبل دولة اجنبيّة لتجسّس أخبار الدكتور داهش واعماله كالمستشرق دانيال اوليفر , صاحب معهد “الفرندز” في (راس المتن ) بلبنان الخ… واذا بهم جميعاً ينتهون , بعد زياراتهم المُتعاقبة له ومعاينتهم المتكرِّرة لمعجزاته , واستخدامهم مختلف وسائل الحذر, الى الايمان بصحَّة الخوارق والشهادة لها.
و كثيرون ممن عاينوا المعجزات آمنوا إمانا ثابتا بمؤسّس الداهشيّة, و ضحّوا من اجل عقيدتهم بكل غالٍ , حتى ان فريقاً منهم آثر تحمل السجن و الاهانة و العذاب على التخلِّي عن ايمانه, في اثناء اضطهاد بشارة الخوري لمؤسّس الداهشية والمؤمنين به , كماري حدّا د, شقيقة زوجة الرئيس الطاغية و رئيسة نقابة الفنّانين اللبنانيين سابقا, و زوجها جورج حدّاد , عديل الرئيس , و الشاعر حليم دمّوس , مؤرّخ الوقائع الداهشيّة , و الدكتور فريد ابو سليمان, و الاديب جوزف حجّار ؛ فجميعهم دخلوا السجون من اجل عقيدتهم , وامضى بعضهم شهورا كثيرة فيها.
و كثيرون ايضا ممن عاينوا المعجزات لم يؤمنوا برسالة صاحبها ,لاسباب كثيرة,و لكنهم , على ذلك , لم يستطيعوا انكار ما عاينوه من اعمال خارقة, فشهدوا لها في مقابلات صحافيّة , و بين هؤلاء عشرات من السياسيين البارزين , كرئيس المجلس النيابي اللبناني صبري حماده , و رئيس الوزراء الامير خالد شهاب , ورئيس الوزراء حسين العويني , و نواب كثيريين , منهم بشير العثمان , و اديب الفرزلي , و محمد العبود , ومحسن سليم … فضلا عن رجال القانون و القضاء ورجال الصحافة الذين مثلوا معظم الجرائد و المجلات اللبنانية البارزة , منها “الاسبوع العربي” , و” اللواء”, و ” الشراع” , و ” ريفي دي ليبان” REVUE DU LIBAN , و صحف ” النهار” و ” الجريدة” و ” له سوار” LE SOIR الخ.
و لم يكن لحدوث المعجزات مكان محدّد . فقد تمّت في منزل الدكتور داهش ببيروت , و في منزل آل حداد الذي اصبح مقرا ً للرسالة الروحيّة الجديدة في العاصمة اللبنانية , كما حدثت في عشرات المنازل الاخرى التي كان اصحابها يدعون الرجل الخارق الى زيارتهم .و قد حدثت في مدن لبنان و قراه , كما في مصر و كثير من البلدان العربية , و في اوروبا كما في افريقيا و آسيا و اميركا, وفي المنازل كما في المخازن و الشوارع و داخل السيارات و القطارات بل الطيارات.
و جميعها تَّمت في و ضح النهار او تحت الاضواء الكهربائية الساطعة , من دون استخدام ستائر او اللجوء الى احراق البخور و التمتمة او تلاوة تعاويذ او صلوات. غير ان بعضها كان يسبقه احيانا كتابة ” الرمز الداهشي “, و هو كناية عن ابتهال الى الله تعالى يُكتب بطريقة معينة و يُطلب فيه المساعدة الروحية المنشودة , اي بدل ان يكون الدعاء للخالق شفويا يكون كتابيا ً.
و كثير من المعجزات خلف آثارأ باقية و نتائج ثابتة . فالورقة البيضاء التي تحوّلت و هي في قبضة صاحبها الى ليرة لبنانية او مئة ليرة , بقيت مع صاحبها ؛ وقطعة النقد النحاسية التي تحوّلت الى ليرة ذهبيّة بقيت ذهبا ً؛ و الساعة التي فُقدت قبل سنين عديدة أحضرت و سوّرت معصم صاحبها بطرفة عين؛ و الكتابة الروحيّة التي كُوّنت على ورقة فارغة و الشاهد قابض عليها بقيت مثلما ظهرت …. وأسماء الشهود و تواريخ المعجزات مدوّنة كلها في آلاف الصفحات المعدّة للنشر قريبا ً .
و كثيرة هي الخوارق التي صورت الكاميرات الصحافية مراحل حدوثها , و نُشرت عنها في الصحف اللبنانية تحقيقات مُذهلة .
و كثير منها أ ُخضع للإمتحان العلمي: ورقة يانصيب كانت خاسرة , فتحوّلت بقوّة الروح العليّ الى ورقة رابحة لجائزة كبيرة امام القاضيين محمود البقاعي ومحمد النعمان و المحامي شفيق السرودك , فاثارت ضجة كبيرة, واخضعت لتحليل مخبري دقيق قبل تسليم الجائزة ؛ و مرضى استفحل داؤهم بعد ان عالجهم الاطباء و ادخلوا الى المستشفيات حتى قُطع الامل من بُرئهم , فإذا معجزة الشفاء تحدث ؛ وأورقاً بيضاء تحوّلت الى مئات الليرات فحصها الخبراء فوجدوها صحيحة…
و امثال هذه المُعجزات كانت تحدث بصورة عفوية و بلحظة خاطفة اما الراغبين في معاينة مُعجزة ما, سواء كانوا بزيارة الدكتور داهش في منزله او كانوا في منازلهم او في اي مكان آخر . لكن المعجزات , احيانا , كانت تحدث في اثناء انعقاد جلسة روحية. فما هي الجلسة الروحية؟.
الجلسات الروحية:
تُعقد الجلسة الروحية في ضوء النهار, او تحت الكهرباء الساطعة, ودون احراق بخور, او إقامة سواتر, او سدل حجب. و تتم المعجزات فيها بوضوح كلي, و يقين ملموس, و بكلِّ بساطة. و لا يهم اذا كان حاضروها قليلين او كثيرين , مؤمنين او ملحدين, و ذلك بأن الخوارق التي تحدث فيها لا تتأثر بإرادة شهودها, لأنها حقيقية, و القوة الروحية التي تجترحها بواسطة الدكتور داهش, لا شيء يصدّها او يثنيها , لأنها إلهيَّة.
و قد اوضح مؤسس الداهشيَّة الفرق بين الجلسة الروحية و ” الوساطة الروحية” التي مازالت تخدع كثيرين, بقوله:
” الجلسات الروحية التي اعقدها ليست علماً , و ماكنت لأستطيع القيام بها من غير إذن الله, فهي مُنحة سماويَّة خصَّني تعالى بها في هذا العصر, ليكون فيها مساعدة للتائقين الى الحقيقة و للراغبين في الايمان و الاستقامة و التوبة. اما” الوساطة الروحية” التي يدّعيها بعض الناس المحترفين, كوسيلة مزعومة لإستحضار الارواح, فهي بعيدة عن “الجلسات الروحية” التي اعقدها , بعد الارض عن السماء, و ما عليك إلا ان تحضر , بعينين مفتحتين و ذهن نابه , جلسة من جلسات أولئك القوم, ثم تحضر جلسة روحية, حتى تُدرك الفرق العظيم, و كيف يختلط الظلام بالنور, و يلتبس الحق بالباطل في اذهان الناس! ذلك بـأن” الوساطة الروحية” المزعومة ليست, في الحقيقة, إلا شعوذة و تدجيلا قد ينطليان على بسطاء العقول, انما لا ينطليان على الاذكياء المستنيرين. و الداهشية تفند ببراهين ساطعة لا يمكن النيل منها سفسطات اولئك المشعوذين المحترفين الذين يضلّلون الناس بتوافه الحيل و المخرقات, و الذين هم اعجز من ان يعطوا حتى دليلا ضئيلا واحداً على صحَّة اعمالهم الاحتياليَّة”
ما هي المعجزة؟
كلّ مثقف ثقافة علمية صحيحة يعرف, كما اعرف,ان العالم محكوم بقوانين طبيعية ثابتة. فقانون الحركة , و قانون الجاذبية , و قانون النسبية, و قانون حفظ الطاقة, و غيرها كثير , كلها كائنة في الوجود , مُذ الوجود المادي كان.
و كل مايستطيعه العقل الانساني هو ان يرفع الحجب تدريجياً عن القوانين التي ماتزال مستورة.لكن الارادة البشرية,أيَّة كانت,لا تستطيع خرق القوانين الطبيعية. و هذه حقيقة يؤكدها العالم الفيزيائي الكبير ماكس بلانك,الحائز جائزة نوبل,و المكتشف نظرية الكوانتا,كما يؤكدها سائر العلماء. فنواميس الطبيعة لا تخضع لإرادتنا, اذ إنها كانت موجودة قبل ظهور الحياة على الارض, و سيتبقى بعد زوالها.
لكني, على اقتناعي العلمي الراسخ بخضوع الارادة البشرية للقوانين الطبيعية,و استحالة وجود ايّ انسان يستطيع خرقها,كما العلم يثبت ذلك,فقد اتيح لي,في اثناء ملازمتي للدكتور داهش أكثر من خمسة عشر سنة(1963-1980), ان اشهد,عشرات المرَّات, قوانين الطبيعة المادية” ُتخرق” على يديه” خرقا” ساطعا. ذلك ما دفعني الى تحرٍّ كبير, و تحقيق دقيق, و تثبت طويل, لم اترك , في خلاله,اي كتاب معتبر يبحث في الامور الخارقة ,إلا جلبته,و إن كان في موسكو او نيويورك او لندن او بون او باريس, ثم قرأته و نقدته.و قد شاهدت بعيني ,و لمست بيدي, عشرات الخوارق , يصنعها الرجل العجيب امامي, و تبقى آثارها , بل يشاهد آثارها آخرون , ممن لم يعرفوه و لم يجتمعوا به , لم اكتفي بذلك , بل إجتمعت مع عدد كبير جدا , ممن شهدوا خوارقه مثلي, و سمعت منهم مباشرة وقائع ما عاينوه , و نقدت ما رووه , و قابلته بما نقله غيرهم . ثم وضعت ماجمعت على محك العلوم الطبيعية و النفسيَّة و الاجتماعيَّة, و على محك الدين و المنطق,و من كل ذلك خلصت الى النتيجة التالية: إن ما يتمُّ من ظاهرات غريبة على يدي الدكتور داهش هو خوارق و معجزات حقيقية ,لا يمكن ان تصنف بين العاب الخفة او الايهام, او السحر, او الفقر الهندي, او مناجاة الارواح, او التنويم المغناطيسي , او اي شكل من اشكال الباراسيكولوجيا المزعومة. وسيتضح الامر للقارىء عما قليل. و ليس الدكتور داهش هو الذي يصنع تلك الخوارق , بمشيئته, لأن إرادته , كإرادة اي انسان, خاضعة لقوانين الارض التي فيها ولد ,انما يصنع تلك المعجزات قوة روحية غير ارضية,لا تخضع لقوانين عالمنا , لانها خارجة عنها, متفوِّقة عليه , و هذه القوَّة إتخذته وسيطا روحيا,و إناءً مختاراً , و رسولا هادياً.
و مثلما ان الريح يمكن إثبات وجودها, من جراء تحريكها بعض الاشياء , و ان الطاقة المغنطيسية يمكن تأكيد وجودها , من جراء تأثير جاذبيتها على بعض الاجسام , مع انه لا يمكن رؤية الاولى و لا الثانية, و لا القبض عليهما, هكذا لا بُدَّ من التسليم بأن وراء كل معجزة قوة روحية هي سببها ,قوة تتخطَّى المعرفة البشرية, و “تخرق” القوانين الطبيعية.
غير ان ” خرق” القوانين الطبيعية يجب ان يفهم فهماً نسبيا, اذ انه يبدو هكذا بالنسبة الينا نحن البشر, في حين ان المعجزة, بنظر الروح الالهيّ و الكائنات الفردوسية, إنما هي نتيجة قدرة ومعرفة بشريين بأبعاد لاتحد.
و قد اوضح مؤسس الداهشيَّة هذه الناحية , في اثناء إيضاحه امر الجلسات الروحية بقوله :
” يمكنك ,مثلا, ان تحضر معك صحن الطعام الذي تتناول فيك طعامك بمنزلك, و هذا الصحن مادته بورسلين. فعندما تتجسد الروح , بإمكانك ان تطلب اليها ان تحول لك مادته الى خشب.
“و للحال , يتحول الصحن, و انت ممسك به بكلتا يديك, الى صحنٍ خشبي يبقى عندك بمادته الخشبية طوال الايام و الاعوام . كما بإمكانك ان تطلب الى الروح ان تحوله , مثلا , الى مادة حديدية, و بلحظة يثقل وزنه , اذ يتحول الى صحن حديدي , بينما انت ممسك به جيداً بكلتا يديك. وهكذا يمكنك ان تطلب الى الروح ان تحوله لاي نوع تحبه انت, الى قصدير او كريستال الخ…”, ثم يردف قائلا:
” لقد سألنا الروح عن كيفية هذا التحول , فشرحته لنا بما يلي . قالت الروح:
” تعرفون ان لكل مادة اهتزازا [ تردداً ذرياً] ذا سرعة معينة , فاللخشب سرعة معينة , و للحديد سرعة اخرى, و للفولاذ كذلك, و هكذا لسائر المواد, اذ لكل مادة منها سرعة اهتزاز تختلف عن سرعة المادة الاخرى. فعندما تطلبون ان احول منضدة خشبية, مثلا, الى منضدة حديدية, ارفع ذبذبة المادة الخشبية الى مستوى ذبذبة المادة الحديدية, فيتحول الخشب الى حديد”.
و لا يخفى ان إختلاف التردُّد الذريّ بين الاجسام , سواء اكانت عناصر بسيطة ام مواد مركبة, ملازم لإختلاف تركيبها الذري.
كذلك فقد زاد مؤسس الداهشية ماهية المعجزة إبضاحاً علمياً , في معرض شرح روحي ادلت به الروح امام عدد من الشهود , بينهم الشاعر حليم دموس, و ذلك بعد شهدوا عدة مُعجزات كانت تُحرق فيه اشياء من سندات مالية و رسوم و غيرها, حتى تتحوّل رماداً , ثم يُعاد تكوينها بلمح البصر.
قلت الروح الناطقة بفم الدكتور داهش ما اوجزه مؤرخ الوقائع الداهشية, حليم دموس, على الوجه التالي:
” لا شيء في هذا الكون يضيع البتَّة .فالازهار,التي تذبل اليوم, و تتساقط , تعود ثانية, مثلما كانت قبل اشهر خلت, و مثلها الاثمار .
” فأين كانت؟ و كيف اتت؟ و ماهو السر في ذلك؟
” انتم لا تستغربون كيفية حدوث مثل هذا الامر لأنكم تعودتموه وألفتموه ,أصبح لديكم طبيعيا . و لو عقلتم لشاهدتم ان كل مايحيط بكم يحمل طابع المعجزات و الخوارق , و لكنكم لا تنتبهون.
“فهذا القانون هو نفسه الذي يسري على الشيء الذي تحرقونه و تظنون ان إضمحل الى الابد. و لكنه, في حقيقته , لا يكون قد تلاشى, بل حدث فيه تغيير فقط انتم تجهلونه, و تجهلون ناموسه و قانونه . فهو, و الحالة هذه , كشجرة الورد التي تذوي و تتساقط ارضا في فصل الشتاء لتعود بأجمل حلتها و اروع اناقتها عندما يأتي فصل الربيع.
” فعندما تعيد لكم الروح بذلة احرقتموها ,او مائدة القيتموها طعمة للنيران, او سواهما من الاشياء المادية, تكون قد قامت بعمل طبيعي تعرف سرّه, لأنها اصبحت في عالم الحقيقية, و انتم تجهلونه, لأنكم ما تزالون في عالم المادة.
“فضلا عن ذلك, فأنتم تحملون اجسادا مادية تحجب عن عيونكم مشاهدة الاسرار التي رُفعت عنها الستائر لمن خلعوا عنهم, هنا , رداء الجسد البغيض”.
و قد دلّت لنا الروح المُرشدة على صحة حديثها الإرشاديّ ببرهان مادّيّ.
بذار تنمو وتثمر فوراً:
قالت الروح:
“اعطوني نوعا من البذار الذي تريدونه انتم, لأعطيكم دليلا ثابتاً لا يُدحض”. فاتيناها بفولٍ يابسٍ, وبعدس, وببزور البطيخ الاحمر. فقالت:
“أحضروا لي قصعة كبيرة , واملأوها بالتراب”.
ففعلنا. ثم طلبت قدحاً من الماء، فأُحضر أيضاً. وهنا قالت :
“انتبهوا لما سأقوم به أمامكم”.
وهنا, اخذت الروح من كلّ نوعٍ حبة واحدة , أي فولة, وعدسة, وبزرة بطيخ, ووضعتها في التراب؛ ثم سكبت عليها كأس ماء.
وللحال, نبتت عروق خضراء وجعلت تمتد… ثم- يا للدهشة الرائعة!- جعلت هذه العروق تحمل ثمراً! ولم تمضِ دقيقة واحدة حتى إرتفعت غرسة الفول وهي ممتلئة بقرونٍ من الفول الأخضر!
وهكذا شتلة العدس!
وتلتها بزرة البطيخ… وإذا بها تحمل بطيختين لم أذق في حياتي أحلى مذاقاً منهما ! فدهشنا, ووجمنا, وما عاد احد منا ليحيرَ كلاماً. فقالت الروح:
“اما الشرح ,فها اني أدلي به اليكم , فاسمعوهُ وعُوه:
“عندما يزرع احدكم نوعامن البذار, يحتاج بالطبع الى كمية من الهواء, ومقدارٍ معلوم من نور الشمس التي تشرق عليه, كل صباح لتغذيها بسيالها العجيب. أما التربة, فانها تنعشه, وتعطيه قوة النمو. وتشترك العناصر الطبيعية في مساعدته , حتى تكتمل العناصر التي تهبه الحياة , فينمو ويعطيكم الثمر.
“اذاً كيف إستطعت انا ان انمِّيه بدقيقة واحدة؟
“الجواب :بما انني (روح) , وقد تكشفت لي اسرار الحياة الارضية , فقد عرفت ما اغلق عليكم فهمه. لهذا استعنت بسيالي الروحي الخاص, فوهبت هذه البذور التي كان يجب ان تحصل عليها في مدة ثلاثة اشهر, بواسطة الشمس والماء والهواء. فأنا قد اعطيتها للبذور في الحال, وليس كالمعتاد فاستكملت حاجتها من الغذاء الذي هي بحاحة اليه , والذي تحصل عليه عندما تزرع, في خلال الاشهر التي تكون فيها ضمن التربة. فلم يعد عجباً ان يكمل نموّها, ويحين أكلها في دقيقة.
“وقد قمت بهذه الظاهرة , وشرحتها لكم, كي أُعلمَكم ان لا شيء عجيب علينا , نحن معشر الارواح, بعدما تفهمّنا الاسرار التي كانت خافية علينا مثلكم , عندما كنا في أجسادنا, كما اسلفت القول”
الغاية من المعجزات:
ان الغاية العامة من كل معجزة هي مساعدة شهودها والسامعين بها على الايمان بالله, وما يستلزم ذلك من ايمان بالقيم الروحية وممارستها ؛ ذلك بأن حدوث المعجزة يؤكد تاكيداً مباشراً وجود روحٍ خارق القدرة والمعرفة يجترحها, والروح قوة الهية تشهد لمبدعها الازلي, وتخشع لذكره.
{ ويسألونك عن الروح, قل الروح من امر ربي وما أوتيتم من العلم الا قليلا}(سورة الاسراء. 85)
وبهذا الايمان يتاكد لاصحابه مصدر الرسالة الداهشية السماوي , كما يتأكد لهم صحة مُعجزات السيِّد المسيح والانبياء , وان القران الكريم كتاب منزل, والاسلام دين حنيف, وان على كل مؤمن ان يتمسك بتعاليم دينه التي انزلها الله على انبيائه , لأن فيها كل الخير لهم.
لكن المعجزات تحمل ايضا , احيانا, غاية خاصة, كالمساعدة,او الشفاء , او الانقاذ من الموت, او ايضاح العقيدة الداهشيَّة.
وحسبنا ،هنا، أن نتأمل في بضعة نماذج من آلاف المعجزات الداهشية الملموسة الثابتة,0لنتبين قدرة الروح الالهي وعلمه الخارقين ، وما يستتبعان من ادراك لضعف الانسان وجهله وغروره ، إزاء العظمة الالهيَّة.
صحيفة تتكون قبل خمسة أيام من صدورها.
في 28 تشرين الثاني 1943, يدخل السيد فيليب حدشيتي , وهو شاب مثقف, كان يعيش في باريس ,الى منزل الدكتور داهش في بيروت , وبيده صحيفة ” له جور” le jour اللبنانية اليومية التي تصدر باللغة الفرنسية .
اتى يريد التثبت ممَّا ملأ الاسماع من اخبار المعجزات الداهشية. اتى جاحداً وجود الله عز وجل, مُنكراً وجود الروح, نافيا وجود الخلود والثواب والعقاب . دخل منزل الهداية ممثلاً معظم البشر. مع فيليب حدشيتي, كانت الانسانية بأسرها تمتحن, وضميرها وعقلها في الميزان.
وُعد الزائر بجلسة روحية ,كان قد سمع ان فيها تتنزل الروح العلوية وتتجلى القوى الالهية؛ لكنه لم يصدق . فاخذ يتصفح جريدته , ويكتب على هوامشها ما يخطر في باله من اسئلة مختلفة , ليطرحها في اثناء انعقاد الجلسة العتيدة.
وسرعان ما عقدت الجلسة الروحية : تسامى الدكتور داهش بسّياله الاسمى ,حتى اتصلت به وتجلت فيه روح قدسية , هي نسمة الهيَّة عالمة كل العلم , قادرة كل القدرة.
ولكن, ما يثبت ذلك؟
دار بين الروح القدسية تنطق بفم الدكتور داهش, والحدشيتي هذا الحوار:
- هل تؤمن بالله تعالى؟
- أُصدقك القول,يا دكتور, انني لا أؤمن بوجوده
– وماذا تريد كي تؤمن ويظهر خطأك الفادح؟
– اريد مُعجزة
لا شكَّ بان فيليب حدشيتي – شان ملايين البشر- قد استمع من قبل , الى مواعظ رجال الدين؛ فما افادته. ولا ريب بانه قرأ كتابات دينية او فلسفية تحضُّ على الايمان, وتستشهد ببراهين مختلفة ؛ لكنها ما اجدته نفعاً. كان يشعر ان شيئاً واحداً يمكن ان يبدل حياته, ويغير رأيه, هو المعجزة , العمل الذي يعجز عنه البشر جميعاً, ولو اجتمع علماؤهم وعباقرتهم بعضهم لبعضٍ ظهيراً؛ العمل الذي,ان حدث برهن برهاناً حاسما ان وراءه قوة فوق قوى البشر.
و حدثت المعجزة بكلمة قالتها الروح القدسية:
– انظر الى الجريدة التي معك.
و اذا العدد الذي احضره الحدشيتي معه, و هو يحمل تاريخ 28 تشرين الثاني 1943 , يتحول الى عدد اخر يحمل تاريخ 3 كانون الاول, اي عدد سيصدر بعد خمسة ايام. لقد تغيَّرت النصوص كلها :تغيرت الموضوعات و العناوين و الاحداث و الاعلانات و الصور … تغير كل شيىء, عدا ما كتبه الحدشيتي في هوامش الصحيفة ؛ فوجده بقي مثلما خطه بيده !
لقد حصل حدث عظيم: قوة لا شكَّ بأنها غير بشرية , لأنها قامت بعملٍ غير بشري, قوة قدرتها خارقة, وعلمها خارق, سخرت عناصر الكون و قوى الطبيعة, و استطاعت ان تمحو كل ما في الصحيفة, مُبقية على خطوط الشاهد فقط, لٌِتنزل محل ما محت نصوص و مواد جديدة , مرتَّبة ترتيباً جديدا.
لو كان في يدك ورقة مطبوع عليها بضعة اسطر, فإختفت منها هذه الاسطر ,بلمح البصر , ودون اللجوء الى اي وسيلة مادية , لكان عليك ان تقول , اذا كنت من ذوي العقول الصحيحة: هذا عمل غير بشري! لكن, اذا امحت الاسطر , وحلت محلها اسطر اخرى بدون اللجوء الى اية وسيلة مادية, فلا شك بأن خشوعك سيزداد, و سيعظم يقينك بأن القوة التي احدثت هذه الظاهرة هي قوة روحية تسمو على قوى البشر و مداركهم و علومهم بما لا يُحد! فكيف بك, اذا امحت نصوصا مطبوعة منبسطة على عدة صفحات كبيرة , لتحل محلها نصوص اخرى مختلفة عنها كل الاختلاف, و مرتَّبة ترتيباً دقيقا اخر!
و لكن, حتى الآن , لم تتضح, بعد, كل ابعاد المعجزة التي حدثت. ذلك انه بعد خمسة ايام , صدر عدد” له جور” LE JOUR حاملا تاريخ 3 كانون الاول 1943. و قابل الحدشيتي عدده العجائبي الذي إحتفظ به بالعدد الجديد , و اذا المفاجأة العُظمىى ! انه العدد نفسه من كلمته الاولى حتى الاخيرة!.
قبل خمسة ايام , كثير من احداث العالم لم يكن قد وقع بعد؛ و كثير من الاحاديث و الوقائع السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية و العسكرية و الاجرامية… المحليَّة و العالميَّة لم يكن قد تمَّ بعد. قبل خمسة ايام, جميع الامور التي ظهرت في عدد الثالث من كانون الاول كانت لا تزال في ضمير الغيب؛ و مع ذلك, عُرِفت و هي في عالم الغيب, بتفاصيلها و دقائقها, افكارا و اقوالا و اعمالا و احداثا , و صيغت, و نُظمت, و طُبعت؛ وكل ذلك بلمح البصر , وبغير يد و لا آلة! و مادامت عُرِفت بتفاصيلها, و تطوراتها, و تشابكاتها , فهذ يعني انها وجدت بالنسبة للروح القدسية قبل ان توجد بالنسبة للبشر.
أيمكن ان يقوم بهذا العمل غير قوة الهيَّة؟ اذ ما الفرق بين تكوين كوكب بكل ما فيه من اناس يتفاعلون و يتعاملون, و تكوين هذا العالم الذي انطوت عليه الصحيفة, خمسة ايام قبل ان يوجد؟!
وقد طلب الحدشيتي مُعجزة ليؤمن, فأتته المعجزة. أتته بهذه القوة الجبَّارة, لتخاطب عبره البشر جميعاً ممن هم معاندون ومكابرون , حتى لا تبقى لديهم اية حجة.
أمام الفنّان قيصر الجميّل:
تتجسّد احدى شخصيّات الدكتور داهش العلويّة فيرسمها :
كتب حليم دمّوس في تأريخه للوقائع الداهشيّة عام 1942 :
” بتاريخ 2 حزيران ( يونيو ) استيقظت في منزل الدكتور داهش متأخرّا ، لأنّني أمضيت الليل في تدوين بعض الظاهرات التي تمّت معي خلال الأيّام السابقة . وكانت الساعة التاسعة والنصف عندما استيقظت .
واذا بي أسمع الدكتور داهش ، وكان نائما ( في الغرفة نفسها ) ، يردّد العبارة التالية :، يا أخي قيصر ، لا تلمسني ، لا تلمسني .”
فدُهشت من ترديده هذه العبارة ، وظننته يرى رؤيا ، فلم أشأ ايقاظه .
وبعد نصف ساعة ، نهض الدكتور داهش وارتدى ثيابه ؛ ثمّ جلس يُملي عليّ أحد مؤلّفاته الأدبيّة لأجل التبييض والطبع .
وعندما انتهينا من التبييض ، قصّ عليّ حلما رآه يتعلق بصديقه الفنّان قيصر الجميّل ، فقال :” شاهدت نفسي في الحلم كأنّني في محترف الفنّان قيصر الجميّل ، عند ساحة النجمة . فرحّب بي وقال : حسنا فعلت بمجيئك إليّ في الساعة التاسعة والنصف , قبل أن يتكاثر الأصدقاء عليّ فيلهوني عن انجاز رسمك الزيتيّ .
فأجبته : ” هذا ما دعاني للمجيء اليك الآن .” وجلست أمامه .
فجعل ينجز لي رسمي الزيتّي بريشته الساحرة . ولم يمضي عليّ نصف ساعة حتى شعرت بضيق واضطراب ، وامتقع لون وجهي دون سبب معروف ؛ فنهضت واقفا . وأسرعت نحو الباب أريد الخروج ؛ فدُهِش قيصر وقال لي :؛ ماذا بك ؟ ماذا بك ؟ وهل تريد شيئا ؟”
أجبته :” كلاّ . كلاّ .”
وحاول أن يمسك بيدي , لأنّه شاهدني أكاد أتهالك على نفسي . فصحت به قائلا :” يا أخي قيصر ، لا تلمسني ،” وكرّرتها له ؛ فدهش وابتعد باستغراب .
وهنا شاهدت نفسي أسبح في الفضاء اللانهائيّ ، وأنا أشعر بغبطة لا مثيل لها ؛ ثمّ استيقظت .”
أمّا أنا فدُهشت من هذا الحلم ، وقلت للدكتور :” ما دام الواجب يدعوك لأن تذهب الى صديقك قيصر بناء على الموعد الذي ضربه لك ، ولم تستطع ، فدعنا نذهب الآن الى منزله .”
فقال :” لا مانع .”
وما بلغنا منزل الفنّان ودخلنا حتّى بادر قيصر بالسؤال قائلا :” عساك تحسّنت ، يا دكتور داهش ، ممّا أصابك صباحا .”
وهنا ظهرت الدهشة جليّة على أسارير الدكتور داهش وأساريري . ولكنّه أجابه :” وأيّ شيء أصابني ؟ “
- لا أدري ماذا أصابك … ولكنّني شاهدتك تطلب الخروج من الغرفة ، وكان وجهك شديد الاصفرار !
وهنا تدخّلت أنا بالأمر ، وأقسمت لقيصر بأنّ الدكتور داهش لم يخرج في هذا اليوم ، وكان ملازما المنزل برفقتي ، ونحن لم نغادر المنزل الاّ الآن فقط !
فأبى قيصر أن يصدّق ، وقال بقليل من الحدّة :” وهل تريد أن أكذّب نفسي وأنا الذي صوّرته في الصباح بيدي ؟ تعال معي الى المحترف كي أريك صورته التي بدأت بها . ولنفرض أنّني متوهّم ، فهل الصورة تتوهّم أيضا ؟ انّ وجودها لدليل قاطع على صدق حديثي . ولأزيدك ايضاحا وتأكيدا ، فانّني عندما شاهدت داهش يريد الخروج دون سبب معروف ، أردت أن أمسك بيده ، لأعلم السبب الذي من أجله يريد مغادرتي دون سلام أو كلام . فاذا به يصيح بي بصوت غريب لم أعهده به سابقا ، ويقول لي :” يا أخي قيصر ، لا تلمسني ، لا تلمسني .”
وما ذكر قيصر هذه الجملة التي سمعتها صباح اليوم بأذني من الدكتور داهش وهو نائم … ثمّ الحلم الغريب الذي قصّه عليّ قبل خروجنا من البيت …. حتّى تأكّد لي أنّ شخصيّة الدكتور داهش ( العلويّة ) هي التي زارت الفنّان قيصر الجميّل ، وهي التي جلست بقربه عندما رسمها بريشته .” 18
انّ الفنّان قيصر الجميّل كان رئيس جمعيّة الفنّانين اللبنانيّين ، ولم يكن من المؤمنين بالرسالة الداهشيّة . ومع ذلك فهو يؤكّد أنّ مؤسّس الداهشيّة حضر حضر الى محترفه صباح ذلك اليوم ، وجلس أمامه ، فباشر الفنّان رسمه . وقد أرى حليم دموّس والدكتور داهش الرسم حجّة لقوله . والرسم باق شهادة محسوسة على هذه الخارقة العجيبة .
ومن التدقيق في زمان حدوث هذه الظاهرة الروحيّة , يتحصّل أنّ شخصيّة مؤسّس الداهشيّة العلويّة تجسّدت ودخلت الى محترف الفنّان في الساعة التاسعة والنصف صباحا ، وغادرته في الساعة العاشرة . وفي اللحظة عينها التي كانت الشخصيّة تخاطب فيها قيصر الجميّل بقولها : ” يا أخي قيصر ، لا تلمسني ، لا تلمسني ،” وهي تهمّ بالانصراف ، ينطق الدكتور داهش بالعبارات نفسها على مسمع من حليم دمّوس . وهذا الأمر يؤكّد أنّ حلم الدكتور داهش كان حقيقة واقعة . فما رآه في حلمه لم يكن شخصه البشريّ ، بل سيّال مُتجسّد من سيّالاته العلويّة ، أي شخصيّة من شخصيّاته غير البشريّة سرعان ما عادت الى عالمها السامي المجيد مخترقة محيط الفضاء الكوني اللامتناهي ، وذلك بعد أن قامت بمهمّتها ، وهي أن تترك أثراً محسوساً دائما لها على الأرض .
ولدى القاء نظرة فاحصة على هذه المعجزة ، يتّضح لنا أنّها انطوت على أبعاد ومراحل خارقة كثيرة ، منها :
أوّلا ، انّ الشخصيّة العلويّة التي تجسّدت هي غير أرضيّة ، والاّ لكانت خضعت لقوانين الأرض الطبيعيّة التي تمنع التجسّد والاخفاء .
ثانيا ، قام سيّال الشخصيّة العلويّة بتحرير نفسه من جسده في العالم الذي ينتمي اليه .
ثالثا ، رفع سرعة تردّد ذرّاته لتصبح أسرع من النور ، لأنّها لو كانت بسرعة النور لاستوجب قطع المسافة التي تفصل الأرض عن أقرب نجمة الينا ، وهي المعروفة ب proxima centauri أكثر من أربع سنوات وثلث السنة .
رابعا ، بما أنّ العلم الحديث يؤكّد أنّ لا شيء في كوننا يمكنه أن يتجاوز سرعة النور التي هي حوالي 300.000كيلو متر في الثانية ، فلا يبقى الاّ أن تنتمي هذه الشخصيّة العلويّة الى عالم هو جزء من كون لا نعرفه ، فيه نور غير النور الذي في كوننا ، نور أسرع جدّا من النور المألوف ، وقوانينه الطبيعيّة غير القوانين التي نعرفها .19
خامسا ، ما ان بلغ سيّال الشخصيّة العلويّة الأرض حتّى خفّض تردّد ذرّاته بقوّة ذاتيّة ، وبمعرفته وقدرته الخارقتين اختار من الأرض العناصر التي يتكوّن منها الجسم البشريّ ، ثمّ ركّب منها أعضاء ذلك الجسم في وحدة مُتكاملة حيّة مماثلة لجسم مؤسّس الداهشيّة . كلّ ذلك أتمّه بسرعة لا يحدّها خيال !
شفاء مريم مزراحي من البرص الرسمي المستعصي :
أخبرني الدكتور جورج خبصا ، نطاسيّ الأمراض الجلديّة الأشهر في لبنان والدكتور فريد أبو سليمان والدكتور نجيب العشّي المعروفان أنّ أخبار المعجزات الباهرة التي تحدث على يدي مؤسّس الداهشيّة ، بعد أن انتشرت في مختلف الأوساط اللبنانيّة والعربيّة ، بلغت مسامع السيّدة مريم مزراحي القاطنة في مدينة حيفا ( فلسطين ) .
كانت مريم مصابة بمرض البرص المستعصي المؤكّد رسميّا . وقد عالجها أطبّاء اختصاصيّون في القدس ، ولكن من غير جدوى . فالمرض الرهيب اجتاح جسدها ، والتهرّؤ أصاب أناملها وأنفها وبعض شفتيها وأذنيها .
وبعد أن يئست من العلاج البشريّ ، صمّمت على القدوم الى لبنان ، لعلّها تحظى بالشفاء على يد مؤسّس الداهشيّة . فحضرت الى منزله في 14 شباط ( فبراير) عام 1944 ، بصحبة شقيقها . وكانت هيئتها مُنفّرة مُرعبة .
واذا الدكتور داهش ، رجل المحبّة والرحمة ، يعقد لها جلسة روحيّة فوريّة؛ فيتجلّى فيه روح الأب المقدّس ناحوم ، أحد أنبياء العهد القديم ، ويعلن أن المريضة استحقّت بايمانها الشفاء ، اذ أوصلت سيّالاتها ، بعد المُعاناة الطويلة ، الى درجة الاستحقاق ، ولكن يجب أن يعقد لها ، بعد يومين ، جلسة روحيّة ثانية يتجلّى فيها روح الأب المقدّس بطرس الرسول ، وباذن من الله تعالى ، يبرئها من علّتها المُستعصية المُخيفة .
وطلب روح النبيّ ناحوم أن يدعى الى الجلسة الروحيّة العتيدة عدد كبير من الأطبّاء ليعاينوا بأنفسهم المريضة وكيفيّة شفائها الروحيّ .
فعمّم الدكتور خبصا والدكتور أبو سليمان الدعوة على كثيرين من الأطبّاء ، لكنّهم بمعظمهم امتنعوا عن المجيء تهيّبا من الحضور الروحيّ ، الاّ خمسة أطبّاء هم عبد الأحد ، وخوري ، ونجيب العشّي ، فضلا عن الطبيبين الداعيين .
وعند الساعة التاسعة والنصف من يوم الأربعاء الواقع في 16 /2/1944 ، حضرت مريم مزراحي . فعاينها جميع الحاضرين الذين زاد عددهم على الثلاثين شخصا من المتمتّعين بثقافة عالية ، وفحصها الأطبّاء الاختصاصيّون الموجودون فحصاً مدقّقا ؛ وكان بين الحاضرين أفراد من عائلات حكيم ، ومرّاش ، وصائغ ، وطوبيّا ، وحاجّ ، وحجّار ، وحدّاد ، وتأثروا جدّا من رؤيتهم وجهها وأطرافها المشوّهة المتهرّئة . وسرعان ما عُقدت الجلسة الروحيّة ؛ فتجلّى روح الأب المقدّس بطرس الرسول في شخص الدكتور داهش . وما ان لمس وجه المريضة وأطرافها حتّى اختفت آثار البرص منها ، وتجدّد لحمها ، وامتلأت فجواته ، وكلّ عضو مصاب فيها عادت اليه العافية والنضارة بقوّة الهيّة .
وقد أحدثت معجزة الشفاء هذه تأثيرا بالغاً في نفوس الحاضرين ، فآمنوا بأنّهم أمام قوّة روحيّة الهيّة ، وهادٍ صادق ، كما آمنت مريم مزراحي بمؤسّس الداهشيّة ، وعادت الى فلسطين تري نفسها من عرفوها في مرضها المنفّر المستعصي ، وتعرض حالها على الأطبّاء الذين كانوا قد عاينوها قبل شفائها .
وفي أواخر صيف عام 1944 ، قدم وفد من أطبّاء القدس الى بيروت ليزوروا الدكتور داهش ، فوجدوا أنّ قوّات الظلام ، قوّات الرئيس هيرودس الجديد ، قد اعتقلته ، وجرّدته من جنسيّته ، ونفته خارج الحدود اللبنانيّة ، من دون محاكمة ، ومن غير أيّ ذنب أتاه ! والشعب اللبنانيّ ، بدل أن يستفيد من رسول المحبّة والرحمة استفادة عظمى ، بعد أن سنحت له الفرصة ، ناصر الحكّام البغاة على النقيّ البريء المظلوم ، فاستحقّ عقاب الله العادل بدل رحمته .
احياء حمامة بعد ذبحها :
أخبرني السيّد جورج حدّاد ، عديل بشاره الخوري وقرينته السيّدة ماري حدّاد أنّه في 18 أيّار ( مايو) 1944 قامت السيّدة أوديت خبصا ، قرينة الدكتور جورج خبصا ، بزيارة مؤسّس الداهشيّة بصحبة بعض الداهشيّين ، وسألته عن الحمامة التي كانت قد أحضرتها له سابقا . فنهض الدكتور داهش ، وأتى بها . ثمّ أوعز الى الأديب يوسف الحاجّ ، بأن يحضر له قصعة وسكّينا . وأمام حشد من الحضور سلّم اليه الحمامة ، طالبا اليه أن يذبحها ويفصل رأسها عن جسمها .
وما أن أنجز يوسف مهمّته ، وأخذ حمّام الدم ينزف في القصعة النحاسيّة ، حتّى ارتعش الدكتور داهش بالروح العليّ ، ولمس الحمامة الذبيح ، فاذا الحياة تعود اليها فتطير وتحوّم في أرجاء الغرفة . فهل دليل أسطع على قدرة الروح الالهيّ الخارقة من هذا الدليل ؟ وهل يمكن أن يتسرّب أيّ شكّ الى صحّة هذه المعجزة التي تصرخ في وجه كلّ مشكّك ؟
ترى ، هل من فارق جوهريّ بين هذه المعجزة يجترحها الروح الالهيّ بواسطة هاد كريم وتلك التي أراها الله ابراهيم الخليل حيث ذكر في القرآن الكريم :
( واذ قال ابراهيم : ربّ أرني كيف تحي الموتى . قال : أو لم تؤمن ؟ قال: بلى ، ولكن ليطمئنّ قلبي . قال : فخذ أربعة من الطير فصرهنّ اليك ، ثمّ اجعل على كلّ جبل منهنّ جزءا ، ثمّ ادعهنّ يأتينك سعيا ، واعلم أنّ الله عزيز حكيم .)( سورة البقرة : 260 ).
ذكر الحضور عرس قانا فقال الدكتور داهش:
” اذهبوا حيثما كان ماء واملأوا نبيذا “:
أخبرني الوزير السابق ، المحامي ادوار نون ، أنّه في ربيع سنة 1944 ، بينما كان جمهور من الداهشيّين يجالسون مؤسّس الداهشيّة حول المائدة ، شرع الأستاذ نون يتحدّث عن تحويل السيّد المسيح الماء خمرا ، في الأجاجين ، في عرس قانا الجليل .
واذا بالدكتور داهش يرتعش بالروح العليّ قائلا لهم : ” اذهبوا حيثما كان ماء في المنزل ، واملأوا منه ما شئتم نبيذا .”
لم يصدّق الحاضرون ما سمعوا أوّل وهلة . لكن سرعان ما رأوا الماء الذي في الكؤوس والآنية التي على المائدة يتحوّل كلّه الى نبيذ .
حينئذ قصد الحاضرون المطبخ وفتحوا البرّاد ، فاذا الماء في الزجاجات كلّها قد تحوّل الى نبيذ .
وفتح آخرون حنفيّات الماء المرتبطة بمجاري مياه الشّرب العامّة في بيروت ، فكلّما وضعوا تحتها كأسا أو اناء امتلأ نبيذا بدل الماء .
انّ ما رأوه تعدّى حتّى الخيال ، حتّى انّ عدّة داهشيّين ، بينهم جوزيف حجّار – الذي أكّد لي هذه المُعجزة – ملأوا عدّة زجاجات من الخمر العجائبيّة ، وحملوها الى منازلهم . وكانت هذه الظاهرة الروحيّة محصورة في المنزل ، أي انّ الماء في المجاري العامّة بقي ماء ، لكنّه ما ان يصل الى داخل المنزل حتّى يتحوّل الى نبيذ . وهذا يزيد الخارقة غرابة على غرابة .
ولم يذق أحد منهم نبيذا ألذّ وأعجب ؛ فهو نبيذ من غير هذه الأرض .
انّ تحويل الماء الى نبيذ تكرّر عشرات المرّات في مناسبات مختلفة ، أمام عشرات الشهود ، وفي كلّ مرّة كانت تحدث المعجزة بطريقة تختلف عن الطريقة السابقة . فتارة يأتي الشاهد وقد أخفى في جيبه زجاجة صغيرة ملأها ماء ؛ كأنّما يريد أن يمتحن الروح ؛ فيقول له الروح العليّ :” الماء الذي في جيبك تحوّل الى نبيذ .” وطورا تفرغ الكأس وهي بيد أحد الشهود ، فيتمنّى لو تمتلىء نبيذا ، فاذا بها تطفح به ، وثالثة يذكر الشاهد عرس قانا، فيتحوّل الماء أمامه الى نبيذ ، وهلمّ جرّا … وفي جميع هذه المعجزات كان تدخّل الروح الالهيّ ساطعا ، ولا مجال لأيّ شكّ على الاطلاق .
حقيبة تختفي ثمّ تظهر في المكان نفسه بعد ثلاثة أيّام :
صباح الاثنين الواقع في 19 أيّار ( مايو) 1980 ، خرجت من غرفتي في مقرّ الرسالة الداهشيّة ببيروت ، حيث كنت أنزل ، لأودّع صديقا هو السيّد رياض الجميّل الذي كان يتأهّب لمغادرة بيروت عائدا الى نيويورك . كان رياض يجالس الدكتور داهش في رواق المنزل وأمامهما عدّة حقائب تخصّ الدكتور داهش . وبما أنّ مؤسّس الداهشيّة عهد الى رياض بشحنها الى نيويورك في الطائرة نفسها ، اذ كان مديرا لمكتب احدى شركات الطيران ، فقد وقف رجل الروح يعدّها مشيرا الى كلّ منها باصبعه . واذ وصل بالعدّ الى احدى الحقائب ، أشار اليها قائلا الى رياض :” أمّا هذه فلا تأخذها .” وعلى الفور التمع وجهه فأصبح أكثر بياضا واختفت الحقيبة الكبيرة من أمام أنظارنا . لقد أخذ الدكتور داهش بالروح العليّ بسرعة غريبة فحدثت المعجزة ، وبسرعة توارى الروح العليّ ، فاذا الدكتور داهش يتعجّب مثلما تعجّبنا لاختفاء الحقيبة . ولم يكن ثمّة أيّ مجال للشكّ ، لأنّ الرواق مكشوف، والحقائب كبيرة ، والاختفاء حدث نصب عيوننا ونحن وقوف قرب الحقائب .
بعد قليل جمع الداهشيّون الذين كانوا في منزل الرسالة الحقائب وأنزلوها ، وخلا مكانها من أيّة حقيبة .
بعد ثلاثة أيّام ، بينما كنت في رواق المنزل مع الدكتور داهش ، ارتعش بالروح العليّ فجأة ، فازداد وجهه بياضا ، واذا الحقيبة تظهر فورا في المكان نفسه من الرواق المكشوف ، حيث توارت . وبما أنّني نزلت في مقرّ الرسالة مدّة تزيد على عامين لازمت مؤسّس الداهشيّة في خلالها ، فانّني كنت أعرف فيه كلّ شبر فيه ، كما أعرف الدكتور داهش عن كثب أكثر ممّا يعرف الانسان أباه أو أخاه ، لأنّني كنت أراقب كلّ حركة يقوم بها وأسجّل كلّ عمل خارق يتمّ على يديه . ومعجزاته كانت تحدث بكلّ بساطة وعفويّة، في وضح النهار أو تحت أنوار الكهرباء الساطعة ، دونما أيّ قيد على معاينيها .
اختلفوا على مكان الآيات فهبط المصحف الشريف وحلّ الخلاف :
ذات يوم من عام 1942 ، زار العلاّمة الشيخ عبد الله العلايلي مؤسّس الداهشيّة ؛ وكان مصحوبا بالشيخ أحمد العجوز . وقد ضمّهم مجلس اتّسع لأدباء آخرين كان بينهم يوسف الحاجّ .
وطفق المجتمعون يتحدّثون عن الأرواح العلويّة والآيات القرآنيّة ، وذكروا عدّة آيات ؛ منها تلك التي تؤكّد وجود الروح : ( ويسألونك عن الروح ، قل الروح من أمر ربّي وما أوتيتم من العلم الاّ قليلا .) ” سورة الاسراء :85 ” ومنها التي تؤكّد عودة المسيح ( وانّه لعلم للساعة فلا تمترن بها .) ” سورة الزخرف : 61 ” .
وتضاربت الآراء في مواضع الآيات من القرآن ، وتمنّى الحاضرون لو كان الكتاب الكريم في متناول أيديهم ، اذن لاطمأنّوا وحلّ الاشكال .
وما لبث مؤسّس الداهشيّة أن ارتعش بالروح العليّ ، وهبط من فضاء الغرفة المكشوف المرتفع حوالى ستّة أمتار قرآن كريم أحمر الغلاف ، وكان متهاديا متمهّلا في هبوطه حتّى حطّ بين يدي رجل الروح وهو مفتوح على الصفحة التي فيها الآية الأولى وقد طوّقت بخط أحمر . ثمّ انفتح المصحف الشريف مرّة أخرى بقوّة روحيّة خارقة على الصفحة التي فيها الآية الثانية ، واذا هي قد طوّقت كسابقتها بالأحمر .
اختلف علماء الدين ، فحلّ اختلافهم الروح العليّ بطريقته الاعجازيّة ، ليبرهن لهم أنّ الروح الالهيّ قادر على كلّ شيء ، وأنّ الله ينزّل الروح من لدنه على مؤسّس الداهشيّة تبعا للآية القائلة 🙁 رفيع الدرجات ، ذو العرش ، يُنزِّل الروح على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاقي ) ” سورة غافر :”
وغنيّ عن البيان أنّ هذه الظاهرة الروحيّة تنطوي على عدّة خوارق . ففيها المعرفة الخارقة للمجهول ، اذ عرف الروح العليّ فورا مكان الآيتين ؛ وفيها معجزة النقل الفوري عبر السقوف والجدران للقرآن الكريم ؛ وفيها أخيرا فتح القرآن على الصفحتين تباعا ، وذلك برهان على المعرفة والقدرة الخارقتين لدى الروح العليّ .
وقد ذكر هذه المعجزة الشيخ عبد الله العلايلي في كتابه ” كيف عرفت الدكتور داهش “. 20
نبوءات الدكتور داهش :
انّ العلماء الأمريكيّين الذين أطلقوا المركبة الفضائيّة ” أبولوا 13 “، في نيسان ( أبريل ) عام 1970 ، من أجل أن تحطّ على أرض القمر ، كانوا يعرفون ، بموجب الحسابات الدقيقة التي أجروها ، السّاعة وربّما الدقيقة التي ستبلغ فيها السفينة الفضائيّة القمر . ذاك ما قدّمه اليهم تطوّر العلم المحيط بالسرعة وظروفها ، وبالفضاء ومسافاته وأحواله . لكنّ العلم ، على تقدّمه المُذهل في القرن العشرين ، لم يستطع أن ينبئهم بالخلل الذي سيطرأ على السفينة بعد يومين من اطلاقها ويهدّد حياة الروّاد الثلاثة ويقلق العالم كلّه .
والعلماء السوفيات الذين أطلقوا المركبة الفضائيّة ” سويوز 11 :، في حزيران ( يونيو) عام 1971 ، مدّهم علم الفضاء والعلوم المساعدة له بتوقيت دقيق لمختلف مراحل الرحلة الفضائيّة . لكنّ هذا العلم عجز عن التنبؤ بمصير الروّاد الثلاثة الذين قضوا نحبهم في أثناء عودتهم الى الأرض . ذلك لأنّ الانسان كان وسيبقى عاجزا عن كلّ نبوءة حقيقيّة . فهو محدود بالأبعاد الزمانيّة – المكانيّة ، ولا قِبَل لها بالتحرّر منها الاّ بالموت ، أي سيّالاته الروحيّة ( أي نفسه ) . بالرغم من ذلك فمئات هي النبوءات المذهلة بتفاصيلها ودقّتها التي سلّمها مؤسّس الداهشيّة الى مئات الأشخاص، وجميعها تحقّقت بدون استثناء ، لأنّ الروح العليّ المجرّد من القيود الماديّة هو الذي كان يدلي بها . من هذه النبوءات ثلاث تتعلّق برئيس الجمهوريّة اللبنانيّة الأسبق ، بشاره الخوري .
ثلاث نبوءات تتعلّق برئيس الجمهوريّة اللبنانيّة :
الأولى، سلّمت الى عقيلته السيّدة لور في 13 تشرين الثاني 1943 ، اثر القاء السلطة الفرنسيّة القبض عليه ؛ وذلك بعد توسّلها الى الرجل الخارق لاطلاعها على مصير زوجها ، وذلك بواسطة شقيقتها الأديبة ماري حدّاد التي قد آمنت بالرسالة الداهشيّة . ممّا جاء فيها أنّ بشاره الخوري سيعود الى الحكم في 22 تشرين الثاني 1943 ، مع ايضاح ملابسات الأحداث التي ستجري .
والثانية نشرتها جريدة ” الصحافيّ التائه ” في 20 شباط 1944 ؛ وخلاصتها أنّ اضطهاداً سيشنّه بشاره الخوري على الدكتور داهش ، وسينزل جزاء روحيّ بالمُضطَهِد ، وذلك بكسر يده من كتفه ، فيضطرّ الى قصد القدس للاستشفاء ، في 15 شباط 1945 . وقد تمّت النبوءة بحذافيرها، مع العلم أنّها نشرت قبل نحو عامٍ من وقوع أحداثها .
والثالثة تكشف تاريخ موت بشاره الخوري ، وقد اطّلعت عليها ابنته السيّدة هوغيت كالان بواسطة صديقتها السيّدة وداد نفّاع التي تسلّمتها بتاريخ 1/12/1963 .
ولو أردنا تفصيل كلّ النبوءات الداهشيّة لملأنا بها مجلّدا . حسبنا ، في هذا المقام ، الالماع الى نبوءته المُدهشة بتفاصيلها بمصرع الرئيس الأمريكيّ جون كندي .
نبوءة بمصرع الرئيس جون كندي :
قبل مصرع الرئيس الأمريكيّ جون كندي بأسبوع ، أعطى مؤسّس الداهشيّة الوزير اللبنانيّ السابق ، المحامي ادوار نون ” رمزا ” داهشيّا مطويّا داخل ظرف مختوم ، وأوصاه بأنّ يحتفظ به مغلقا ضمن خزانته الحديديّة . 21
وما أن اغتيل الرئيس الأمريكيّ في 22 / 11/ 1963 ، ونشرت الاذاعات ووكالات الأخبار العالميّة نبأ مصرعه والغموض المحيط بأسبابه ودوافعه، حتّى اتّجهت أنظار الصحافيّين في لبنان الى رجل المعجزات ، علّهم يستطلعون منه خبرا . فكان أن أشار اليهم بالتوجّه الى مكتب الاستاذ ادوار نون وسؤاله أن يفتح أمامهم الظرف القديم المخبوء المختوم ؛ فقصدوه في 28/11/1963 .
وبعد أن استأذن المحامي نون مؤسّس الداهشيّة هاتفيّا ، فتح الظرف المودع في خزانته الحديديّة أمام جماعة من الصحافيّين ، كان بينهم السّادة جورج سكاف وادوار حنين وفرنسيس فرنسيس وارنست كرم ، وقرأ ما انطوى عليه . فاذا فيه نبوءة دقيقة بمصرع الرئيس جون كندي بالساعة والدقيقة ، وبغير ذلك من الايضاحات الدقيقة . وهذا نصّ النبوءة :
” سيقتل الرئيس كندي وذلك بتاريخ 22/11/1963 ،
بينما يكون متوجّها بموكبه الرسميّ بالسيّارات
من المطار الى معرض دالاس التجاريّ لالقاء خطاب ،
وسيتّهم بقتله ( هارفي أوزوالد ).
وسيتوفّى كندي في الساعة الواحدة – توقيت دالاس –
أي التاسعة مساء توقيت بيروت ،
أي سيظلّ حيّا مدّة أربعين دقيقة فقط
بعد اصابته بالرصاص ؛
فرصاصة سيصاب بها قرب أعضائه التناسليّة ،
وثانية بمؤخرة الرأس ،
ورصاصة ستدخل مقدّمة العنق وستخرج من مؤخرة الرأس .
أمّا المتّهم بمقتل كندي
فسيقتل برصاصة يطلقها عليه ( جاك روبنشتاين ) ،
رصاصة واحدة في بطنه ،
واذ ذاك يترنّح ( هارفي أزوالد ) ويسقط فاقدا لوعيه ،
وذلك بتاريخ 24 / 11/1963 ،
وفي الساعة الحادية عشرة والثلث ،
توقيت بيروت السابعة والثلث .
وسيتوفّى أوزوالد في الساعة الواحدة وسبع دقائق
من بعد الظهر في المستشفى نفسه
الذي لفظ فيه كندي أنفاسه .
أمّا لماذا قتل كندي على يد ( هارفي أوزوالد )،
فمردّها لتقمّصات سابقة .”
والجدير بالذكر أنّه يوم نشر نصّ النبوءة في صحيفة ” الجريدة اللبنانيّة ، بتاريخ 29/11/1963 ، لم تكن مواضع اصابات الرّصاص في جسم الرئيس الأمريكيّ قد نشرت بعد ، فضلا عن أنّ نبوءة جزمت في أنّ الدوافع الحقيقيّة لمصرعه تعود الى أسباب تقمّصيّة . وبالرغم من أنّ التحقيقات في أسباب مصرعه طالت وامتدّت في الزّمن ؛ فانّها لم تسفر عن أيّة نتيجة تربط دوافع القاتل بأيّة مؤامرة سياسيّة داخليّة أو خارجيّة أو بأيّة عوامل غير شخصيّة . ذلك بالرغم من أنّ الظروف السياسيّة التي كانت محيطة بعهد الرئيس كندي كانت تشجّع على وجود مثل تلك المؤامرة .
وقد تأكّد لي أنّ أشخاصا كثيرين قد تسلّموا من الدكتور داهش النبوءة نفسها بمصرع كندي ، وذلك قبل حدوث اغتياله بأزمنة متفاوتة تتراوح بين عدّة أسابيع وعدّة أشهر . وقد منعوا من أن يفتحوا الأوراق قبل حينها ، لئلاّ تتسرّب أخبارها الى الصحافة ، فتحدث لها ذيول ومضاعفات وملاحقات تضرّ بهم .
معجزات مؤسّس الداهشيّة في ضوء العلم :
- أظهرت الدراسات والتجارب العلميّة أنّ الأشياء جميعها تتكوّن من ذرّات ، وأنّ هذه تتألّف من جزيئات سالبة وموجبة ومحايدة ، بعضها يتكتّل في النّواة الذريّة ، وبعضها يتحرّك حولها وفق أنظمة طبيعيّة معيّنة . والأشياء انّما تختلف طبائعها بعضها عن بعض من جرّاء اختلاف تركيبها النوويّ . والتركيب النوويّ ناتج عن درجة التردّدات الموجيّة التي تكون عليها الطاقة في ذلك الشيء . واستنادا الى التركيب النوويّ ، استطاع العلماء أن ينظّموا لائحة بالعناصر البسيطة الكائنة في الطبيعة أو التي يمكن انتاجها بتقنيّات صناعيّة متطوّرة جدّا وباهظة التكاليف . ونظريّا اذا استطاع الانسان أن يحدث تغييرا في تركيب نواة ذرّة ما ، كالحديد مثلا ، ليجعلها تماثل في تركيبها نواة شيء آخر ، كالذهب مثلا ، تمكّن ، اذ ذاك ، من تغيير طبيعة الحديد الى ذهب . بيد أنّ تطبيق هذه النظريّة تطبيقا علميّا واقعيّا ما يزال مستحيلا . فكثيرون هم الفلاسفة والعلماء الذين ظلّوا يحلمون ، مدى أجيال ، بالتوصّل الى اكتشاف ” عنصر ” سمّوه ” الحجر الفلسفيّ ” يمكنهم بواسطته تحويل المعادن كلّها الى ذهب ؛ لكنّ حلمهم تبدّد ومساعيهم أخفقت . وبعد اكتشاف التركيب النوويّ للعناصر البسيطة التي تتكوّن منها الأجسام جميعها ، تأكّد للعلماء أنّ احداث التغيير في طبائع الأشياء لا يمكن أن يتمّ الاّ ضمن حدود معيّنة ضيّقة جدّا ، ووفق شروط متطوّرة وفي غاية الصعوبة والتعقيد ، وداخل مختبرات نوويّة عملاقة . أمّا في الطبيعة فالعلماء يفترضون أنّ الموجودات الماديّة جميعها كوّنتها العناصر البسيطة ؛ وهذه تكوّنت تدريجيّا انطلاقا من عنصر الهدروجين ، بقوّة التفاعل النوويّ ، عبر مليارات السنين . 22
وسواء تمّ التغيير النوويّ في النجوم الهائلة الحرارة التي هي مختبرات الطبيعة ، أم في المختبرات الذريّة العملاقة المعقّدة الصنع ، فثمّة قيدان لا بدّ منهما لحدوث هذا التغيير :
أوّلا ، حرارة عظيمة جدّا تبلغ ملايين الدرجات .
ثانيا ، استحالة حدوث التغيير الاّ في العناصر البسيطة ، وبصورة تدريجيّة ، أي بتحويل عنصر الى عنصر مجاور له من حيث التركيب النّوويّ .
هذا على الصعيد العلمي . لكنّ كلّ مستحيل يصبح ممكنا بقدرة الروح الالهيّ . فمئات هي المعجزات المذهلة التي صنعها الروح العليّ على يدي الدكتور داهش مغيّرا فيها طبائع الأشياء بكلمة آمرة واحدة .
وليس المقصود هنا تحويل عنصر بسيط الى آخر قريب له بتركيبه النّوويّ ، بل تحويل الأجسام المركّبة الى أجسام أخرى مختلفة تماما عن الأولى ، وذلك بلمح البصر ، وبدون استخدام أيّة وسيلة ماديّة . وانّه لأمر مستحيل تمام الاستحالة في الواقع العلميّ والطبيعيّ ، وهو يهيب بكلّ ذي بصيرة الى الخشوع والخضوع للقدرة الالهيّة .
وهكذا يتحوّل صحن البورسلين الذي قد يأتي به الشاهد من منزله الى صحن خشبيّ أو فضيّ أو ذهبيّ ، ويحتفظ بالنقوش أو الرسوم نفسها التي كانت عليه في الأصل . كما تتحوّل مزقة الورق الى حجر صلد ، والمعدن الخسيس معدنا كريما الخ . والوقائع الداهشيّة ملأى بأمثال هذه المعجزات الثابتة الدامغة .
- انّ المفاهيم القديمة ، كما الحاليّة الجارية في عامة الناس ، تجعل للوجود الماديّ العامّ – المتمثّل في الأشياء والكائنات المحسوسة جمعاء – كيانا نهائيّا من حيث الشكل والخصائص . فالصخرة ، مثلا، هي ذلك الشيء المعدنيّ الثقيل الصّلب الذي لا يمكن أن يتغيّر شكله الاّ بتحطيمه أو ببري عناصر الطبيعة له في سياق ألوف السنين . وما هو موجود اليوم سيبقى موجودا ما لم تتدخّل قوى ماديّة طبيعيّة أو بشريّة لازالته . ولذلك فالوجود المادّيّ ، بالنسبة لعامّة البشر هو الوجود المنظور والمسموع والملموس والمشموم والمذوق ، حسبما تتمثّله الحواس البشريّة . ولا يخطر في بال عامّة الناس أنّ هذا الوجود يمكن أن يكون له شكل آخر. فوجود كلّ شيء مرتبط بشكله المألوف في أذهانهم ، بحيث يصعب عليهم أن يتصوّروا أنّ شيئاً ما يمكن أن يكون أمامهم ولا يرونه . ومع ذلك فالأبحاث العلميّة التي قام بها العلاّمة آينشتاين وغيره من علماء الفزياء أكّدت أنّ حجم الشيء وشكله وطبيعته تتغيّر بتغيّر سرعة تحرّكه أو سرعة تردّده الذريّ . وهذا يعني أنّ كيان الشيء الماديّ نسبيّ ، ومظهره مرتبط بقدراتنا الادراكيّة الحسيّة . 23
لكن العلم ، على التقدّم البارز الذي أحرزه ، لا يستطيع أن يخفي صخرة أو سيّارة أو كتابة ما من غير أن يستخدم أدوات وعناصر ماديّة ، من جهة ، ومن دون أن يتلف الكيان الماديّ لهذه الأشياء ، من جهة أخرى . وهو اذا أخفاها باتلافها لا يستطيع اعادة تكوينها نفسها تماما مثلما كانت ، لكنّه قد يعيد تكوين أمثالها باستخدام عناصر مادّيّة جديدة .
وهنا تبرز قدرة الروح الالهيّ الخارقة . فالروح باستطاعته أن يخفي الشيء عن حواسنا جميعها اخفاء نهائيّا أو مؤقّتا ، بدون تحطيمه أو اتلافه ، ومن غير استخدام أيّة وسيلة ماديّة ، مثلما يستطيع اظهاره بعد اخفائه ، تماما مثلما كان قبل اخفائه ، بالشكل ذاته وبالذرّات والجزيئات أو الخلايا نفسها منظّمة التنظيم عينه .
- انّ السيطرة على الجاذبيّة كما على الأشياء تأخذ بعدا جديدا في معجزات النقل الفوريّ للأشياء عبر المسافات والحواجز . ففي هذا الصنف من الخوارق ، ينقل الروح الالهيّ الشيء ، خفيفا كان أم ثقيلا ، من مكان الى آخر بعيدٍ عنه ، بلمح البصر . وبين بداية هذه الرحلة الانتقاليّة الفوريّة ونهايتها ، تجعل القدرة الروحيّة شيئا مادّيّا يخترق حواجز مادّيّة صلبة ، مهما تعدّدة وتنوّعت ، من غير أن يصاب أيّ من الطرفين بأذى .هذا الأمر محال في الواقع الطبيعيّ . فالأنسان ، مثلا ، لا يمكن أن يخترق جداراً صلباً من غير أن يتحطّم قبل تحطّم الجدار ، والكتاب كما الحقيبة لا يمكن أن يخترقا سقفاً صلباً من دون أن يتمزّقا ويُتلفا . كذلك لا تسمح القوانين الطبيعيّة بأن ينتقل أيّ شيء من مكان الى آخر ، حتّى بقوّة آليّة أو الكترونيّة أو نوويّة دافعة ، الاّ ضمن حدود سرعة معيّنة . فالطيّارة كما الصاروخ كلاهما ذو سرعة محدودة تستوجب استغراق وقت معيّن لاجتياز أيّة مسافة . لكن بالرغم من ذلك فمئات هي معجزات النقل الفوريّ التي أجراها الروح العليّ على يديّ مؤسّس الداهشيّة ، قاطعا بلمح البصر المسافات الشاسعة ، ومخترقا الحواجز الصفيقة ، من غير أن يصاب الشيء المنقول بأي ضرر ! فكيف يمكن ايضاح ذلك لتستوعبه الأفهام البشريّة ؟ وما هي الحقائق التي تكشف عنها هذه الخوارق في ماهيّة الوجود ؟
انّ الدراسات العلميّة الأخيرة أثبتت أنّ النشاط القائم داخل كلّ ذرّة يظهر بشكل جسيمات متنوّعة سالبة وموجبة ومحايدة متناهية في دقّتها ؛ وهذه الجسيمات تظهر ، عند اختبار أدقّ لها ، كمويجات من الطاقة ذات أطوال محدّدة .وهذه الطاقة تبدو في صورتها النهائيّة كسيّال من الفوتونات ( أي وحدات من الكمّ الاشعاعيّ ) ؛ والفوتونات تتصرّف عند انتشارها تصرّف المويجات غير المادّيّة ، لكنّها تتصرّف في تفاعلها مع محيطها المادّيّ تصرّف الجسيمات المادّيّة . 24
لكن هل العلماء متّفقون على أنّ هذه الجسيمات الاثني عشر ( أو الأربعة والعشرين مع الجسيمات المضادّة ) هي نهاية النهايات في تكوين المادّة ؟
انّ كثيرين من العلماء يشكّون في أن تكون هذه الجسيمات المُتناهية في دقّتها هي المقوّمات النهائيّة للوجود المادّيّ ، ويرون أن لا شيء يمنع أن تكون هي أيضا متكوّنة من جسيمات أدقّ جدّا منها ، وهذه بدورها وراءها جسيمات أدقّ ، وهكذا دواليك … ولكن من أجل أن يستطيع العلماء أن ” يروا” في تلك الأعماق التي قد تكون لا نهائيّة ليتحقّقوا وجود تلك الجسيمات ، عليهم أن يبنوا مفاعلا نوويّا حجمه أعظم جدّا من حجم النظام الشمسي بأكمله ؛ وهذا يستحيل على البشر صنعه مهما تقدّموا في العلم . 25
هذا الأمر المستحيل اضطرّ كثيرين من العلماء الى افتراض وجود “قوّة فائقة موحّدة “، تكون جميع المظاهر المتجليّة في الوجود من مادّة وقوى جاذبيّة ونوويّة وكهربائيّة مغنطيسيّة وغيرها هي مجرّد مظاهر متنوّعة لها، 26
لا سيّما أنّ المادّة يمكن أن تتحوّل الى طاقة وفقا لمعادلة آينشتاين المشهورة؛ 27
بل انّ بعض العلماء رأى أنّه لا مناص من عبور الحدود ” العلميّة ” وولوج المجال الفلسفيّ مفترضا أنّ مادّة الكون هي ” مادّة عقليّة “،28
و”أنّ العلم بحاجة الى اكتشاف قوانين أساسيّة جديدة تضاف الى القوانين الطبيعيّة المعروفة كالجاذبيّة والكهرطيسيّة والوحدة الزمانيّة – المكانيّة ، ويعتبر العقل الواعي أحدها ، فيكون هكذا خاصّة أساسيّة في نسيج الكون.”29
هذه ” القوّة الفائقة الموحّدة “، وهذه ” المادّة العقليّة ” قد تكون رمزين للسيّالات التي لا تفنى والتي تؤلّف نسيج الكون الجوهريّ بالمفهوم الداهشيّ.30